شرح العقيدة الواسطية

من 1439-02-06 وحتى 1440-12-06
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1432

التاريخ : 2018-09-21 14:05:22


"وأول من يستفتح باب الجنة محمد وأول من يدخل الجنة من الأمم أمته"

يقول المؤلف –رحمه الله-: "وأول من يستفتح باب الجنة محمد –صلى الله عليه وسلم-" أول من يستفتح أي أول من يطلب فتح باب الجنة بعد أن يُقضَى ما كان من أحوال يوم القيامة وأهوالها وينجو أهل الإيمان من النار بالورود عليها كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا[مريم: 72] يأتي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيطلب فتح باب الجنة.

  

أبواب الجنة الثمانية:

وذلك أن الجنة لها أبواب، وقد جاء ذكر أبواب الجنة في القرآن في سورة الزمر، وكذلك جاء في السنة في غيرما حديث وأبواب الجنة ثمانية هذه الأبواب يدخل منها أهل الجنة نسأل الله تعالى أن نكون ممن يدعى من تلك الأبواب كلها.

  

فمنهم من يدخل من باب الصلاة، ومنهم من يدخل من باب الصيام، ومنهم من يدخل من باب الصدقة، ومنهم من يدخل من باب الجهاد؛ فهي أبواب وإذا أخلص العبد وحقق التوحيد على وجه الكمال دُعِي من تلك الأبواب كلها تفتح له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء.

فأول من يستفتح باب الجنة من أهلها النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- ولذلك قال: «أنا أول شفيع في الجنة» يعني أول من يشفع في دخول الجنة وأول ذلك ما جاء في حديث أنس أنه قال –صلى الله عليه وسلم-: «آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح» يعني اطلب أن يفتح لي فيقول الخازن - وهو رضوان - من الملائكة: مَن أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك» والآمر هو الله –عز وجل-. بك أمرت يعني الله أمرني ألا أفتح لأحد قبل محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وهذا من المقام المحمود الذي بوأ الله تعالى رسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه في اليوم المشهود، يظهر به فضله ويتبين به عظيم مكانته عند ربه أن الجنة لا تدخل إلا باستفتاحه فيستفتح –صلى الله عليه وسلم- فيدخل الجنة نسأل الله أن يتبعنا آثاره وأن يجمعنا به وأن يجعلنا ممن يدخل معه ويرافقه فيها، وهذه الأمة هي أول أمة تدخل الجنة.

ولذلك قال المؤلف "وأول من يدخل الجنة من الأمم أمته" دل على ذلك أحاديث عديدة منها أن النبي –صلى الله عليه وسلم- عندما يأتي إليه الناس يطلبون منه الشفاعة لفصل القضاء بعد أن يذهبوا إلى سادات البشر من المرسلين وأولي العزم من الرسل، يأتون - أولا -آدم أبا البشر فيعتذر ويحيلهم إلى نوح، ثم يأتون إلى نوح فيعتذر ويحيلهم إلى إبراهيم، ثم يعتذر ويحيلهم إلى موسى ثم يأتون موسى فيعتذر ويحيلهم إلى عيسى ثم يأتون عيسى عليه السلام فيعتذر ويحيلهم إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- فيقول: «أنا لها أنا لها» فيتقدم –صلى الله عليه وسلم- للشفاعة عند ربه على نحو ما سيأتي إن شاء الله تعالى فأول ما يقال له: ارفع رأسك وقل يسمع واشفع تشفع يقول –صلى الله عليه وسلم-: «أمتي أمتي» فهو –صلى الله عليه وسلم- يستفتح الجنة ويدخلها وأول من يدخلها أمته –صلى الله عليه وسلم- فهم الآخرون في الدنيا الأولون يوم القيامة وأوليتهم يوم القيامة بفضل الله ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ[القصص: 68].

  

وقد جاء في فضل هذه الأمة ما رواه أحمد وغيره في حديث باز ابن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «أنتم» يخاطب هذه الأمة أولها وآخرها والخطاب لمقدمها وهم سادات الدنيا من الصحابة رضي الله تعالى عنهم «أنتم توفون سبعين أمة» توفون أي تكملون سبعين أمة من الأمم التي مرت من آدم عليه السلام إلى آخر الدنيا «أنتم توفون سبعين أمة» أنتم خيرها وأكرمها على الله –عز وجل- فنحمد الله على فضله ونسأله المزيد من عطائه.

وهذه الخيرية قد جاء ذكرها في القرآن في قول الله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ[آل عمران: 110] وهذه الخيرية ليست للعلو على الخلق ولا للتكبر عليهم ولا لتنقص الخلق، بل هي بيان ما خص الله به هذه الأمة أنها خير الأمم، وخيرتها ليست لأشكال من فيها ولا لصورهم ولا لأجسامهم وإنما لأعمالهم، ولذلك لما ذكر ربنا جل في علاه خيرية الأمة ذكر موجب الخيرية سبب الخيرية فقال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ[آل عمران: 110] فلم يجعل ذلك لأجل انتسابهم للأمة مع مخالفتهم لما جاء به سيد الورى بل الخيرية سببها وموجبها هو التزام الشريعة.

  

وهذه الخيرية ثابتة لكل من انتسب لمحمد بن عبد الله إيمانًا به وتصديقًا لما جاء به وإقرارًا بما أوحاه الله إليه قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ[فاطر: 32] فهؤلاء كلهم الظالم لنفسه بالمعاصي مع كونه موحدا مؤمنا، والمقتصد وهو من قام بالواجبات وانتهى عن المحرمات دون زيادة، والسابق بالخيرات وهو من قام بالواجبات وانتهى عن المحرمات وسارع بألوان الطاعات، كل هؤلاء من المصطفين الذين يدخلون في قول الله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا[فاطر: 32] فحريٌّ بالمؤمن أن يفرح بهذا الفضل من الله وأن يكون موجبا لمزيد عبودية لله –عز وجل- وقيام بشرعه.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق