"وبعد، فهذا كتاب جمُّ الفوائد، بديع الفرائد، ينتفع به من أراد الله والدَّار الآخرة، سمَّيته كتاب: (تجريد التّوحيد المفيد)، والله أسأل العون على العمل به بمنِّه".
قال رحمه الله-: "وبعد، فهذا كتاب جمُّ الفوائد، بديع الفرائد"؛ هذا الكتاب المشار إليه ما سيأتي فيه؛ هذا السفر المبارك، ووصفه بـ: "جمُّ الفوائد، بديع الفرائد".
"جمُّ الفوائد"؛ أي: كثير الفوائد، "وبديع الفرائد"؛ أي: أنَّ فيه من التنبيهات والإشارات البديعة النادرة التي قد لا يجدها الإنسان مجموعة في سِفْر من الأسفار، وقد صدق - رحمه الله -؛ فإنَّ هذا الكتاب "بديع الفرائد"؛ إذ إنَّه أتى بمجملات ومهمات ما يتعلق بالتوحيد على نحو من البسط، والتوضيح، والاستدلال الذي يقيم به الحق، ويهدي به السبيل، ويبيِّن الطريق القويم، والصراط المستقيم.
قال: "ينتفع به من أراد الله، والدار الآخرة"؛ وهذا شرط لكلِّ من أراد الانتفاع بعلم من العلوم؛ فإنَّ شرط الانتفاع بما يطلبه الإنسان من العلم أن يحسن قصده؛ وهذا تنبيه منه - رحمه الله - إلى استحضار النية الصالحة، وجميل القصد؛ فإنَّ جميل القصد، وحسن النية يفتحان من العلوم والمعارف على الناس ما لا يُحصِّلونه بغير استحضار النية الصالحة، والقصد الحسن؛ ولهذا يقول - رحمه الله -: "ينتفع به من أراد الله، والدار الآخرة"؛ يعني من كان غرضه من تعلمه وطلبه الله - عزَّ وجلَّ -، والفوز بالآخرة.
قال - رحمه الله -: "سمَّيته كتاب (تجريد التوحيد المفيد)"، وقد تقدم التعليق على هذا الاسم ومعناه.
قال: "والله أسأل العون على العمل به بمنِّه"؛ وهذا تنبيه مهم أيضًا إلى أنَّ المقصود بالعلم: العمل، وأنَّ من المقاصد الحسنة التي ينبغي أن يستحضرها الإنسان في طلبه للعلم: أن يكون قصده العمل بما علم؛ فإنَّ مَن عمل بما علم فتح الله - تعالى - عليه من العلوم والمعارف، وصلاح الحال والمآل ما يدرك به خيرًا عظيمًا، وأجرًا جزيلًا، وفوزًا كبيرًا.