قال - رحمه الله -: "وإذا عرفت ذلك فاعلم أن الربوبية منه تعالى لعباده، والتألّه من عباده له سبحانه، كما أن الرحمة هي الوصلة بينهم وبينه - عزَّ وجلَّ -".
قوله: "وإذا عرفت ذلك فاعلم أنَّ الربوبية منه تعالى لعباده، والتألّه من عباده له سبحانه"؛ وهذا معنى ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾[الفاتحة:5]؛ فالتعبد حق الله على عباده، والعون والعطاء والتوفيق والتسديد هو من عطائه وبره، ومن مقتضيات ربوبيته سبحانه وبحمده؛ ولهذا يقول حتى يفرق بين هذين النوعين من التوحيد؛ توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية: "فاعلم أنَّ الربوبية منه تعالى لعباده"؛ فهو الذي يخلق، وهو الذي يرزق، وهو الذي يملك، وهو الذي يدبر سبحانه وبحمده.
وأمَّا الإلهية فإنَّها من عباده له، وهو ما يقوم في قلوبهم من اليقين بأنَّه لا معبود حق إلَّا الله؛ وذلك بإفراده بالمحبة فلا يحبُّ سواه، وبالخوف فلا يخاف من غيره، وبالرجاء فلا يطمع إلَّا فيما عنده سبحانه وبحمده.
قال - رحمه الله - بعد أن ذكر الصلة فيما بين العبد وربه، وأنَّ الربوبية: اعتقاد العبد في ربه أنَّه الذي يرزقه، وأنَّه الذي يخلقه، وأنَّه الذي يملكه، وأنَّه الذي يدبره، وأنَّ الإلهية هي حقه عليه، ذكر الصلة والوصلة بينه وبين عباده، قال - رحمه الله -: "كما أنَّ الرحمة هي الوصلة بينهما"، "الوصلة بينهما"؛ أي: بين العبد وربه؛ فالذي يصلك منه - جلَّ في علاه - هو رحمته سبحانه وبحمده، ولا يصل شيء من الخير إليك إلا برحمته، كما لا يندفع عنك شيء من الشر إلا برحمته، فالرحمة مقتضاها إيصال الخير، ودفع الشر؛ هذا مقتضى الرحمة، وهو - جلَّ وعلا - الرحمن الرحيم سبحانه وبحمده.
وقد اشتق لنفسه من هذه الصفة اسمين دالين على عظمة ما له من الرحمة جلَّ وعلا؛ فهو الرحمن - سبحانه وبحمده -، وهو الرحيم - جلَّ في علاه - الذي يوصل الرحمة لعباده، فلا يخلو عبد من عباده من لون من ألوان رحمته جلَّ في علاه؛ هذا ما يتصل ببيان حقيقة توحيد الربوبية، وحقيقة توحيد الإلهية.
حقيقة توحيد الربوبية: إفراد الله - تعالى - بالخلق، والملك، والرزق، والتدبير، فلا خالق إلا الله، ولا رازق إلا الله، ولا مالك إلا الله، ولا مدبر إلا الله.
قد يقول الإنسان هذا الكلام بلسانه على أي شكل ما يكون، لكن الشأن في أن يمتلئ قلبه بمعاني هذا الكلام، الشأن كل الشأن في أن يمتلئ قلب العبد يقينًا أنَّه لا خالق إلَّا الله، وأنَّه لا مالك إلَّا الله، وأنَّه لا مدبر إلَّا الله، وأنَّه لا رازق إلَّا الله؛ هذا هو الذي يجب على العبد أن يفتش عنه في قلبه ليكمل توحيده، ولينال الثمار التي تقدم ذكرها.
وأمَّا الإلهية: فهي أن لا يكون في القلب محبوب سوى الله، فالله أعلى المحبوبات، ولا يكون في القلب مخوف سواه، ولا يكون في القلب مرجو غيره جلَّ في علاه، فتُفرده بالحب، والخوف، والرجاء كما قال تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ﴾[الإسراء:57]؛ فحقق هذه المعاني الثلاثة في قلبك تنل ما ذكر المؤلف من المقامات الجليلة، والثمار العظيمة من التوكل على الله عزَّ وجلَّ، قطع النظر عن الخلق، ما ذكره من عدم لومهم وشكايتهم، والرضا عن الله - عزَّ وجلَّ -، والتسليم لحكمه.
السلام عليكم هناك مشكل في اختبر تحصيلك عندما أأتي للإجابة على الاسئلة يأتي مباشرة قبل ان اجيب عليها لقد اجتزت هذه الفقرة بنجاح ،فلم اعد بذلك استطيع ان اختبر نفسي فيما استوعبته من الدروس،ارجو الإفادة من فضلكم