الرئيسية > المستوى الأول > أسباب حياة القلوب > منظومة أسباب حياة القلوب> (37) إذا ما فاته الورد مرة تراه كئيبا |
---|
ومنها إذا ما فاتَه الوِرْدُ مرةً |
تَرَاهُ كئيباً نادماً متألماً |
والذي يظهر والله تعالى أعلم من خلال ما ذكر المؤلف في قوله: "تَرَاهُ كئيباً نادماً متألماً" أنه فاته بتقصيرٍ منه وليس بشيءٍ مغلوبٍ عليه، يعني أن يكون ما فاته من الخير قد تسبب فيه، إما بتقصير بعدم أخذ الأسباب، أو بغير ذلك من أوجه التقصير التي يفوت بها ما يكون من الخير، وهو في ما يكون من الواجبات، هذا الذي يظهر والله تعالى أعلم؛ لأن الكآبة والندم، لا يكون إلا في مقابل الذنب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الندم توبة».
فيمكن أن نقول في أسباب سلامة القلب الندم والتوبة من التقصير، يعني: أن يجد ألمًا لتقصيره، وهذا لا شك أنه من علامات الإيمان، كما قال في الصحيح عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في وصف المؤمن: "المؤمن يرى ذنبه كالجبل يوشك أن يقع عليه فيهلك، وأما المنافق يرى ذنبه كذبابٍ وقع على أنفه فقال به: هكذا فذهب" فشتان بين هذا وهذا، فهذه من علامات صلاح القلب وهي من أسباب صلاح القلب بأن يجد ألمًا، أن يجد شيئًا من الحُزن على ما كان من سيِّء العمل.
وهذا الندم يحمله على المبادرة إلى الإقلاع عن الذنب، والعزم على عدم العودة إليه، ويحمله أيضًا على بذل الجهد في توقي أسباب الوقوع فيه مستقبلًا، وإن صدق في توبته وقاه الله تعالى التورط في السيئات وقبائح الذنوب.
والفوات له حالان:
· إما أن يكون فواتًا مما يُشرع قضاءه والإتيان به بعد الفوات.
· وإما أن يكون مما لا ينفع فيه القضاء فلا يُقابل إلا بالتوبة.
فمن ترك عبادةً مؤقتةً بوقت متعمدًا من غير عذر فإنه لا ينفعه أن يأتي بها بعد ذلك، ترك الصلاة مثلًا حتى خرج وقتها من غير عذر فإنه لا ينفعه أن يأتي بها بعد ذلك، وكذلك فيما إذا ترك الصوم الواجب من غير عذر حتى خرج وقته فإنه لا ينفعه أن يأتي به بعد ذلك، بل عليه التوبة إلى الله، والإكثار من العمل الصالح، هذا معنى قوله رحمه الله: "ومنها إذا ما فاتَه الوِرْدُ مرةً".
أما ما كان من الأعمال يمكن استدراكه، كأن يؤخر مثلًا إخراج الزكاة فإنه يُبادر إلى إخراجها، ولا تفوت. يؤخر مثلًا الوفاء بنذرٍ ونحو ذلك من الواجبات التي يُمكن أن تُستدرك فإن من تمام الندم والألم على ما وقع من تفريط أن يُبادر إلى الإتيان بما ترك.
جميع الحقوق محفوظة لمنصة اسوار المعرفة@2021 - تصميم وبرمجة إنجاز إن