كتاب الصيام من دليل الطالب

من 0000-00-00 وحتى 0000-00-00
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1864

التاريخ : 2018-05-07 08:06:47


السادس من شروط الصحة وهو آخر الشروط؛ قال فيه - رحمه الله -: (السادس: النية من الليل لكل يوم واجب).

قوله رحمه الله: (النية من الليل) (من) هنا ابتدائية؛ أي ابتداءً من الليل، فلابد في النية أن تكون حاصلةً من الليل، والنية المقصود بها العزم والقصد، فإذا وُجد منه عزم وقصد على الصيام حصلت النية التي تشترط للصوم، فالنية ليست أكثر من قصد القلب وعزمه على الصوم، ولو كان خاطرًا يخطر على قلبه أنه صائم غدًا اعتُدَّ بهذه النية في تحقيق المطلوب، فحقيقة النية أن يقصد عازمًا بقلبه صوم غد.

وهذه النية في الحقيقة لا يخلو منها مسلم في ليالي رمضان، إلا ما ندر فلا يلزم نطق باللسان، ولا يشترط ذلك.

قال في المبدع شرح المقنع في حقيقة النية: "فلو خطر بقلبه ليلًا أنه صائم غدًا فقد برئ" يعني حصل المطلوب لو كان خاطرًا. وشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يذكر أن قدر الأكل والشرب الذي يأكله الإنسان في الصيام مستعدًّا لصوم غد، هذا نوع من النية، فهو حين يتعشى يتعشى عشاءَ مَن يريد الصوم، هذا كافٍ في تحقيق النية، وبالتالي يُعلم أن النية هي مجرد القصد الذي يظهر بكل ما يكون من دلائله وعلاماته، ولا يلزم أن يكون بقول ولا بفعل، بل مجرد عزم القلب تتحقق به النية التي ذكر المؤلف - رحمه الله - أنها تُطلب للصوم.

فقوله: (السادس: النية من الليل) عرفنا ما هي النية، وأما قوله: (من الليل) فهو يبيِّن أنه لابد أن تكون هذه النية واقعةً قبل الفجر، والليل يصدق على ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر، وعليه فإنه إذا نوى أن يصوم غدًا قبل غروب الشمس لم ينو من الليل، لو نوى أن يصوم غدًا قبل مغرب اليوم لم ينو من الليل، فلا يكون قد حقق المطلوب، ومثله ما لو نوى بعد طلوع الفجر فإنه لا يكون قد نوى من الليل؛ إذًا لابد أن يكون من الليلة السابقة، هذا معنى قوله - رحمه الله -: (النية من الليل).

عرفنا أن الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر؛ هذا شرط صحة لأي صوم؟ قال: (لكل يوم واجب) فخرج بذلك النفل؛ فإنه لا يشترط له ما يشترط للصيام الواجب.

وقوله: (لكل يوم واجب) سواء كان واجبًا في رمضان أداءً، أو واجبًا قضاءً، أو واجبًا في كفارة، أو واجبًا في نذر؛ فكله يدخل في هذا الشرط؛ في قوله - رحمه الله -: (لكل يوم واجب) فجميع ذلك يصدق عليه أنه واجب.

وخرج به النفل.
 

  

أما دليل ما ذكر المؤلف من اشتراط النية من الليل لكل يوم واجب لصحة الصوم؛ فما جاء في المسند والسنن من حديث حفصة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها قالت: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَلَا صِيَامَ لَهُ» أخرجه الإمام أحمد (26457)، وأبو داود (2454)، والترمذي (730)، والنسائي (2331)، وصححه ابن خزيمة (1933) ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ» أي: مَن لم يعزمه وينوه قبل الفجر؛ أي: قبل تبيُّنه وظهوره «فَلَا صِيَامَ لَهُ» أي: فلا يصح له صوم، هذا معنى قوله: «فَلَا صِيَامَ لَهُ»، وفي رواية الدارقطني سنن الدارقطني (2215) قال: «لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يَفْرِضْهِ مِنَ اللَّيْلِ»، هذا يبين أنه لابد أن يُنوَى من الليل، والفرق بينهما واضح بين الروايتين.

فالرواية الأولى قال: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ» فيصدق على الليل وما قبل الليل، وأما الرواية الثانية ففيها تقييده بالليل في قوله: «لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يَفْرِضْهِ مِنَ اللَّيْلِ»، فالنية في الصيام لا خلاف في طلبها في الجملة؛ فإنه لا يصح صومٌ إلا بنية سواء أكان الصوم فرضًا أم نفلًا؛ لأن «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» أخرجه البخاري (1)، ومسلم (1907) ولحديث حفصة رضي الله تعالى عنها.

أما تحديده بما حدَّده من تبييته من الليل فهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء، خلافًا للحنفية، فجمهور العلماء يرون أنه يجب تبييت النية من الليل، والحديث في هذا بيِّن؛ إذ إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفى الصوم لمن لم يفرضه من الليل، ومن لم يبيته قبل الفجر، وهذا في كل صيام واجب، ولا يتحقق الصوم الواجب إلا بهذا؛ أن ينوي من الليل الصيام حتى تبرأ ذمته بصيام ما عليه من فرض.

وقد دلَّ الحديث أن نية الصيام لابد أن تكون من الليل، ولهذا اختلف العلماء رحمهم الله فيمن نوى عصرًا هل تجزئه هذه النية في صيامِ فرضِ يومٍ تالٍ؟

- جمهور العلماء على أنه لا يجزئه ذلك، بل لابد من نية من الليل.

- وذهب الإمام أحمد - رحمه الله - في رواية إلى صحة الصوم بهذه النية ما لم ينقضها.

بمعنى: أنه نوى ظهر اليوم الماضي أو عصر اليوم الماضي أن يصوم غدًا قضاءً، ولما جاء الليل غفل عن النية وأصبح اليوم الذي يليه صائمًا بناءً على نيته التي نواها في اليوم السابق غافلًا عنها في الليلة السابقة؛ هل يصح صومه أو لا؟

- الجمهور على عدم الصحة.

- والإمام أحمد له قولٌ أنه يصح هذا الصوم إذا استصحب النية ولم ينقضها؛ بمعنى أنه ما نقض هذه النية بصرفها عن صيام يوم غد. وهذا القول فيه سعة؛ النية إذا استصحبت فهي معتبرة؛ ولذلك الصواب أن مثل هذا يجزئ في الصوم ولو كان واجبًا، فلو نوى عصرًا أن يصوم غدًا فإنه يجزئه ما لم ينقض هذه النية، ولكن الأَوْلى والأكمل في تحقيق الواجب في صحة الصوم أن ينوي من الليل.

  

وقوله - رحمه الله - في هذا الشرط: (النية من الليل لكل يوم واجب) يفيد أن كل يوم يحتاج إلى نية خاصة ولا يجزئ نية من أول الشهر في رمضان، وهذا مما جرى فيه خلاف بين أهل العلم:

- فذهب الإمام أحمد والشافعي إلى أنه يجب أن ينوي لكل يوم على وجه الانفراد، فلا يجزئه أن يصوم بنية من أول الشهر، بل لابد أن ينوي الصوم في كل ليلة من ليالي رمضان لكل يوم، هذا ما ذهب إليه الجمهور، حتى الحنفية يرون وجوب ذلك، لكنهم يخالفون الحنابلة والشافعية في كون النية يصح أن تكون من النهار، فكل يوم عبادة منفردة يحتاج إلى نية خاصة، وبما أنه لا يفسد الصوم بفساد يوم من أيامه فإن ذلك يدل على أنه لابد من نية لكل يوم.

- وأما ما ذهب إليه مالك، وهو رواية في مذهب أحمد، من أنه يكفي في صوم رمضان نية واحدة من أول الشهر ما لم يقطع هذه النية سواء بعذر أو بغير عذر - فاستدلوا له بأن الألف واللام في قول حفصة رضي الله تعالى عنها: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَلَا صِيَامَ لَهُ» تقدم تخريجه أنها للجنس فتشمل من نوى أول ليلة من ليالي الشهر واستصحب النية في بقيته ولم يقطعه. وهذا وجه قوي، وهو الظاهر فيما يبدو والله تعالى أعلم؛ لأن النية مستصحبة.

فإذا قطع صومه بفطر لعذر أو لغير عذر، فإنه يحتاج إلى تجديد النية؛ لأن النية التي سبقت انقطعت وزالت بما وُجد من مفطِّر، سواء كان هذا المفطر بعذر كالسفر أو المرض ونحو ذلك والحيض، أو كان ذلك بغير عذر.

هذا ما يتصل بما ذكره المؤلف - رحمه الله - في هذه المسألة في الشرط السادس من شروط صحة الصوم حيث قال: (النية من الليل لكل يوم واجب).

  

بعد ذلك قال - رحمه الله -: (فمن خطر بقلبه ليلًا أنه صائم فقد نوى) هذا بيان للنية وقد تقدم.

(من خطر بقلبه ليلًا أنه صائم فقد نوى) وأضاف أيضًا ما ذكره شيخ الإسلام - رحمه الله - قال: (وكذا الأكل والشرب بنية الصوم).

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق