"ثم يغسل وجهه ثلاث ويديه إلى المرفقين ثلاثة ويمسح رأسه من مقدم رأسه إلى قفاه بيديه ثم يعيدهما إلى المحل الذي بدأ منه مرة واحدة".
قوله –رحمه الله-: "ثم يغسل وجهه ثلاث" هذا خامس ما يشرع في الوضوء وهو غسل الوجه وهو فرض من فروض الوضوء ودليله في الآية ظاهر بين.
أما قوله: والوجه ما تحصل به المواجهة وقد حده العلماء بما انحدر من منابت شعر الرأس المعتاد إلى ما انحدر من اللحيين وهو ما تحصل به المواجهة، والسنة أن يغسل ذلك ثلاثة.
وقوله –رحمه الله-: "ويديه إلى المرفقين ثلاث" هذا سادس ما يشرع في الوضوء وهو غسل اليدين إلى المرفقين، وهذا فرض من فروض الوضوء للآية لقوله: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة: 6] .
وقوله: إلى المرافق، يعني مع المرافق، فإن إلى بمعنى مع، كقوله تعالى: ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾ [النساء: 2] ولأن –صلى الله عليه وسلم- غسل يديه حتى أشرع في العضد، وبهذا يكون قد أدخل المرفقين، كما في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
وأما قوله: "ويمسح رأسه" فهذا سابع ما يشرع في الوضوء، وهو فرض من فرائض الوضوء للآية ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾ [المائدة: 6] وهذا أمر بمسح الرأس، وأنه يجب مسح جميع الرأس؛ لأن الباء ليست للتبعيض، فقوله: برءوسكم هنا ليست تبعيضية إنما هي للملاصقة والاستيعاب، وأن يعم المسح جميع الرأس.
وقوله: "من مقدم رأسه إلى قفاه بيديه ثم يعيدهما إلى المحل الذي بدأ منه" هذا بيان لصفة المسح المأمور به في الآية، وأنه يتعين استيعاب مسح جميع الرأس، وهو على هذه الصفة سنة، بمعنى أنه يسن أن يذهب بيديه إلى قفاه ثم يردهما إلى المكان الذي بدأ منه، فلو اقتصر على الذهاب بهما إلى قفاه دون أن يردهما فإن ذلك لا يؤثر على صحة مسحه.
قوله: "مرة واحدة" بيان أنه لا يشرع في مسح الرأس التكرار، بل يقتصر على مرة واحدة، ولا تكرر بفعله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.