فطر أصحاب المهن الشاقة والأعمال الشديدة، وكذلك الفطر لأجل الامتحانات والاختبارات هل هو مباح أو لا؟

هل يجب على أصحاب المهن الشاقة كالذين يشتغلون في مناجم الفحم، أو عند الأفران الحارة شديدة الحرارة، أو الذي يعملون في الشمس الصائفة هل يجب عليهم الصوم أو لا؟

هذه المسألة ليست من النوازل من كل وجه، لأن الفقهاء ذكروا فيها شيئًا من الكلام السابق، لكن تجدد صور المشقة في الصوم، كالذين يعملون مثلا في استخراج النفط، في صناعة الحديد وما أشبه ذلك، هي التي أوجبت أن تذكر هذه ضمن مسائل النوازل، هؤلاء ما حكم الصوم بالنسبة لهم؟

الأصل وجوب الصوم على جميع المكلفين، هذا من جهة، وأيضًا الأصل اشتراك المكلفين في العذر إذا وجد سببه، فأصحاب المهن الشاقة هل هم من أصحاب العذر العام كالمريض والمسافر، فيقال: لكم الفطر بما أن عملكم شاق؟

 من العلماء من يقول: إن أصحاب المهن الشاقة يفطرون، إلا أن هذا من الأسباب التي هي مظنة المشقة، والشريعة أناطت الفطر بالسفر والمرض، مع أن من السفر ما لا مشقة فيه، ومن المرض ما لا يؤثر فيه الصوم، لكون السفر والمرض مظنة المشقة، فكذلك أصحاب المهن الشاقة يجوز لهم الفطر؛ لأنه مظنة المشقة.

فقاسوا على العذر بالمرض، والعذر بالسفر في مسألة المهن الشديدة والصعبة، فقالوا: يحل لهم الفطر، ومعنى يحل لهم الفطر يعني ليس عليه أن ينوي، ومباح له أن يفطر يقضي في أيام إجازته، فإذا كان ليس له إجازة بالكلية ولا يتمكن، عند ذلك ينتقل للإطعام لعجزه عن القضاء.

والقول الذي عليه أكثر العلماء: أنه لا يرخص لهم رخصة عامة بهذه الطريقة، بمعنى أن يقال: أصلا لا يلزمكم الصوم، بل يقال يلزمكم الصوم، فإذا شق عليكم فأفطروا واقضوا، وما الفرق بين القولين؟ الفرق أين يظهر؟

يظهر في نية الصوم، على القول الأول لا يلزمهم أن ينووا مثل المريض والمسافر، لا يلزمهم نية الصيام؛ لأنهم معذورون شق عليهم أم لم يشق عليه، أما على القول الثاني يجب عليهم أن يبيتوا النية ويصحبوا صائمين، فإذا شق عليهم عملهم ولحقهم عنت، فإنهم يفطرون، هذا الفرق بين القولين، وأقرب هذين القولين هو القول الثاني أنه يلزمهم الصوم، فإذا شق عليهم فلهم الرخصة.

والسبب في هذا أن تلك رخصة عامة، وهذه قضية خاصة، فكم نسبة العاملين في الأعمال الشاقة؟

1- هي نسبة ضئيلة بالنسبة لحجم العمال، فلا يرخص ترخيص عام.

2- أن المشقة أمر نسبي والصعوبة أمر نسبي، فليست أمرًا مشتركًا بين الناس، بل يختلف باختلاف قوة الناس وضعفهم واختلاف المهن والأعمال واختلاف الزمان والوقت، بخلاف السفر والمرض فهما أمر مشترك بين الناس من جهة.

وثانيًا: أن المظنة فيه قوية من جهة أخرى بخلاف المظنة قوية أو غالبة، متحققة أو غالبة بخلاف المهن الشاقة والأعمال الصعبة.