النوازل الفقهية المتعلقة بالصيام

من 2023-10-03 وحتى 2037-07-03
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 10

التاريخ : 2024-07-07 05:26:33


أقوى هذه المسائل التي وقع فيها اشتباه مسألة الدخان، هل الدخان مفطر أو لا؟

ونحن نبحث الآن ليس في حكم الدخان إنما في كونه مفطرا، سواء قيل بأنه مباح أو قيل بأنه حرام، أو قيل بأنه مكروه، فالبحث في حكم الدخان لا يلتبس علينا، لأن الفطر لا فرق فيه لو أكل مثلا لو أكل زبيبًا أو شرب خمرًا؛ كلاهما مفطر من حيث فساد الصوم، لو شرب ماء زمزم أو شرب كأس خمر لا فرق بينهما في حصول الفطر، في حين أن الخمر محرمة، وزمزم مباركة، فجنس الداخل إلى الجوف ليس مؤثرا.

كذلك هنا لما نقول الدخان فنحن لا نبحث في حكمه هل هو مباح أو لا؟

إنما نبحث في هل يؤثر الدخان في الفطر أو لا؟

هذا أبرز المسائل التي وقع فيها الاشتباه، الدخان قد يظن الظان أنه من المسائل المعاصرة، والحقيقة أنه ليس مسألة معاصرة، لأن نحن ذكرنا أن النوازل وهي الحوادث الواقعة، والمسائل المستجدة التي ليس فيها نص ولا حكم ولا اجتهاد سابق يبين حكمها، كذا عرفناها في أول المجالس.

إذا نظرنا إلى كلام الفقهاء وجدنا أن هذه مسألة قد ذكرت في كلام الفقهاء، فمثلا تكلم عنها فقهاء الحنفية، وتكلم عنها بعض فقهاء الشافعية، وتكلم عنها بعض فقهاء المالكية، فهي مسألة ليست حديثة، لكن حداثتها في كون بعض المعاصرين ذكر قولا بأنها غير مفطرة؛ لأن الدخان سيجارة والتبغ وجميع هذه الوسائل التي تستعمل في التدخين غير مفطرة، بناء على أنها ليست أكلًا ولا شربًا، وهي كسائر الهواء الذي يستنشقه الإنسان، فليست مفطرة، هكذا قال بعض المعاصرين.

وبالنظر إلى كلام الفقهاء المتقدمين لا يجد أن الجملة منهم قد نصوا على أن شرب الدخان، وهو ما يعرف بالتبغ أو التتن مفطر، وقد نص على هذا الاسم جماعة من الفقهاء السيجارة والتبغ والتتن نص عليه جماعة من الفقهاء المتقدمين، وأنه مفطر.

من ذلك ما ذكره بعض فقهاء الحنفية في نظم له قال:

ويمنع من بيع الدخان وشربه***وشاربه في الصوم لا شك يفطر

ويتضح هل يفطر استنشاق الدخان أو شرب الدخان أو لا، هنا عندنا مقدمات في هذه المسألة، أولى هذه المقدمات أن ما لا يمكن الاحتراز منه من غبار ودخان وما أشبه ذلك ليس مفطرًا، وهذا محل اتفاق بين العلماء، ما لا يمكن الاحتراز منه من غبار ودخان ونحو ذلك ليس مفطرًا.

الأمر الثاني: أن الدخان الذي يستعمله المدخنون سواء كان ذلك عن طريق السجائر، أو عن طريق الشيش أو غير ذلك من الوسائل، يختلف عن الدخان الذي في الهواء من جهة كثافته، ومن جهة قصد المكلف إدخاله في جوفه، وهذان أمران يفارق به الدخان الذي في الهواء، أو الذي ينشأ عن الحطب أو ما أشبه ذلك كالدخان الناشئ عن الحرائق، كما أنه يفارقه في أمر ثالث في كون الدخان الذي في السجائر مقصود ومؤثر ويتلذذ به المدخن، بخلاف الدخان الناشئ عن حريق أو حطب أو ما أشبه ذلك، فهو مما يتأذى به ولا يقصد استنشاقه المدخن.

هذه الفروق تعطينا نوعا من التوضيح للمسار في حكم الدخان بالنسبة للصائم، فإذا كان على هذا النحو نظرنا هل الدخان مفطر؟

الجواب: في قول جماهير علماء الأمة أن الدخان مفطر، والعلة في ذلك هو أنه يختلف ويفارق الدخان الذي لا يمكن الاحتراز منه من الجهات التي ذكرناها، وأيضًا أن في الدخان كمية من النيكوتين والقطران تصل إلى داخل الجوف، وهذا إيصال شيء إلى داخل الجوف وهو مجرى الطعام والشراب، وهذا مفطر في قول جماهير الأمة، فلهذا ذهب الجماهير من الفقهاء والعلماء إلى القول بفطر المدخن بالتدخين.

وأما من قال بأن الأصل عدم الفطر، فالجواب عن هذا نقول: نعم الأصل عدم الفطر لكن هنا فطر بداخل في الجوف، وأما قياسه على دخان الحرائق والدخان الذي لا يمكن الاحتراز منه، فهذا قياس مع الفارق فلا يسووا هذا بذاك، وبالتالي يبقى الحكم محفوظًا في كون الدخان من المفطرات.

ما ذكره بعض القائلين بالتفطير من أن الدخان مفطر، لكونه داخلا في الشرب، والله تعالى قال: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا[البقرة: 187]، فيقال: إن هذا ليس بواضح، لأن هذا الشرب تسمية تعاطي الدخان بالشرب، هذا أمر اصطلاحي أو عرفي، وليس أمرا يدخل في معنى الشرب لغة، لأنه استنشاق وجذب لدخان، وليس شربا بمعناه المعروف المعهود من إدخال سائل أو مائع إلى داخل الجوف، فالشرب إنما يطلق على إدخال الموائع إلى داخل الجوف.

أما الاستنشاق فلا يسمى شربا في اللغة، فلا يدخل فيما جاءت به النصوص من الفطر بالشرب.

 

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق