من المسائل النازلة ما يعرف بالقسطرة قسطرة الشرايين، وهذه اختلف العلماء -رحمهم الله- فيها
أولا: قبل أن نعرف خلاف العلماء فيها وتكييف هذه المسألة، قسطرة الشرايين عبارة عن ماذا؟
تعريف القسطرة مأخوذة من كلمة إنجليزية أو فرنسية، قريبة من هذا اللفظ، وهو عبارة عن أنبوب رقيق يكون من مادة بلاستيكية مرنة أو من غيرها، يدخل في الجسم لغرض التشخيص أو العلاج، هذا معنى القسطرة. لكن قسطرة الشرايين خصوصًا هو إدخال أنبوب رقيق بأحد شرايين الجسم، والشرايين هي عروق يجري فيها الدم، وبتكييف هذه المسألة، أي في محاولة معرفة حقيقة قسطرة الشرايين هل هي مما يدخل فيه شيء إلى الجوف أو لا؟
هذه المواد أو هذه الجوامد التي تدخل، هذا الأنبوب الذي يدخل لا يدخل في الجوف، إنما يدخل في مجاري الدم، فلا يدخل في الجوف؛ لأن الجوف هو المنطقة المجوفة، وهي كما ذكرنا أمس في البدن في قول جمهور الفقهاء، الجوف جوفان؛ الدماغ الرأس، والتجويف الصدري.
وعلى هذا لو أن إنسانًا غرز إبرة في فخذيه أو في ساعديه هل يكون قد وصل شيء إلى جوفه؟
الجواب: لا؛ لأن هذه ليس فيها الجوف، التجويف هو في منطقة الصدر والبطن وفي الرأس، فوصول شيء في دخول هذه المناظير أو هذه الأنابيب في الشرايين، سواء كان ذلك من طريق شرايين اليد للوصول إلى معالجة انسداد، أو من طريق القدم هذه ليست جوفا، لكن إذا كانت هذه القسطرة لمعالجة انسداد شرايين القلب، عند ذلك تكون قد وصلت للجوف؛ لأن القلب في منطقة التجويف الصدري.
فالقسطرة لا نقول إنها ليست مما يصل إلى الجوف، ولا نقول إنها تصل إلى الجوف، فهي تختلف باختلاف المنطقة التي يدخل المنظار أو الأنبوب أو القسطرة من خلالها، فإن كانت في التجويف البطني أو الصدري أو في تجويف الرأس، فهذه يجري فيها الخلاف المتقدم قبل قليل فيما يصل إلى الجوف.
إذًا عندنا مسألة قسطرة الشرايين نقول: تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ما تكون فيه الشرايين في الجوف، مكان الشرايين التي أدخلت الأنابيب إليها في الجوف، والثاني: ما تكون الشرايين التي يدخل فيها الأنبوب في غير الجوف، يعني قسطرة شرايين جوفية، وقسطرة شرايين غير جوفية باختصار.
في هذه الحال قسطرة الشرايين الجوفية ما حكمها؟ يجري فيها ما تقدم من خلاف، والذي عليه جمهور المعاصرين أنها لا تفطر، أما قسطرة الشرايين غير الجوفية فهذه لا تفطر، لأن الأصل صحة الصوم؛ ولأنها ليست أكلا ولا شربا، ولأنها ليست في معنى الأكل والشرب.
وقد صدرت الفتوى في عدم الفطر بإدخال القسطرة عن مجمع الفقه الإسلامي الدولي، في قراره فيما يتصل بالمفطرات المعاصرة، فقالوا في عدم ما ليس من المفطرات، قالوا: إدخال قسطرة، أنبوب دقيق في الشرايين لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء لا يعد من المفطرات، وبهذا نعلم أن القرار قرار مجلس الفقه الإسلامي الدولي يشمل جميع صور قسطرة الشرايين، سواء كانت في منطقة التجويف البطني، أو في منطقة الجوف، أو كانت في سائر البدن، بهذه تنتهي هذه المسألة، وهي مسألة تأثير قسطرة الشرايين على الصوم.