قوله رحمه الله:"الثامن: الحوالة" هذه المعاملة الثامنة التي ذكرها المؤلف - رحمه الله - في أبواب المعاملات، وهي الحوالة، وهي طريق لاستيفاء الحقوق.
قوله رحمه الله:"تنقل الحق من ذمة إلى ذمة"؛ فالحوالة نقل الحق من ذمةٍ إلى ذمة؛ أي: ينقل الحق من ذمة المدين إلى ذمة غيره.
قوله رحمه الله:"ولا يُعتبر فيها" أي: لا يُشترط في صحتها.
قوله رحمه الله:"رضا المحال عليه، ولا المحال إذا كان المحال عليه مليئًا"، في عقد الحوالة أربعة أركان: محيل، ومحال، ومحال عليه، ومحالٌ به.
المحيل: هو من عليه الدين.
المحال: هو من طلب الحق، الدائن.
المحال عليه: هو من تحول الحق إلى ذمته.
المحال به: هو الدَّيْن.
قوله رحمه الله: "رضا المحال عليه" أي: لا يشترط في صحتها رضا المحال عليه؛ فإذا كان زيد يطلبك بألف ريـال، فأحلْته على بكر، وقلت: ما تطلبني من مال خذه من بكر، فأنت قد حوَّلت الدَّيْن الذي عليك لفلان، إلى الذي لك على فلان، فهنا ينتقل الحق من ذمتك إلى ذمة المحال عليه، وهنا هل يشترط في هذه رضا المحال عليه؟ الجواب: لا يشترط.
قوله رحمه الله: "ولا المحال" أي: لا يشترط رضاه أيضًا، لكن يشترط فيه شرط أشار إليه بـ:
قوله رحمه الله: "إذا كان المحال عليه مليئًا"، أما إذا كان المحال عليه غير ملي؛ فهنا للمحال أن يقول: لا أقبل؛ لأنه غير مليء، غير قادر على الوفاء.
وعلى هذا فلا يعتبر فيها رضا المحال عليه مطلقًا، وأما المحال فقيد رضاه بما إذا كان المحال عليه مليئًا، وأما إذا كان غير مليء فإن رضا المحال معتبر.
فإن قيل: من هو الملي؟
فالجواب: أن الملي: هو القادر على الوفاء في حاله وقاله وماله. القادر على الوفاء بماله: أي عنده مال يفي منه. وحاله: أي: يمكن طلبه لمجلس الحكم. وقاله: بأن لا يكون مماطلًا. هذه الأوصاف الثلاثة المعتبرة في المليء.
دليل هذا ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال صلى الله عليه وسلم: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ»، ثم قال: «وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيٍّ» أي: إذا أحيل أحدكم على مليٍّ «فَلْيَتْبَعْ» البخاري (2287)، ومسلم (1564) أي: فليتحول.
ولذلك جاء في لفظٍ آخر قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أُحِيلَ بِحَقِّهِ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَحْتَلْ» مسند أحمد (9973) وأصله في الصحيحين كما سبق، أي: فليقبل الحوالة، وقد عرفنا من هو الملي؛ هو القادر على الوفاء بماله وبحاله وبقاله.