"المطلب الثَّالث: تطبيقاتٌ على منع الغشِّ في المعاملات المالية المعاصرة:
هناك صورٌ عديدة ٌمن المعاملات المعاصرة، كان سبب تحريمها ما فيها من الغِشِّ؛ ومن أمثلة ذلك: التسويقُ الهرميُّ، والشَّبكيُّ، فقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بتحريمه، وجاء في فتواها في بيان أسباب التحريم: "ما في هذه المعاملة من الغش والتدليس والتلبيس على الناس، من جهة إغرائهم بالعمولات الكبيرة التي لا تتحقَّق غالبًا، وهذا من الغشِّ المحرَّم شرعًا، وقد قال -عليه الصلاةوالسلام-:«مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي»رواه مسلمٌ في صحيحه (102) وقال أيضًا:«الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقا، فَإِنْ صَدَقَا وَبيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَما مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا»متَّفقٌ عليه البخاري (2079)، ومسلم (1532) ".
هذه الصورة من المعاملات وهي التسويق الهرمي، أو التسويق الشبكي، يُوعَد فيه المشتركون في هذه الأنواع من المعاملات بأرباح طائلة، ومكاسب كبيرة، ويُصَوَّر لهم الأمر على أنهم سيجنون من ذلك مالًا وفيرًا يُغنيهم عن وظائفهم، ويحقق لهم دخلًا إضافيًّا كبيرًا، وإذا جاءت الحقائق، واشترك الناس في هذه المعاملات، وتورَّطوا فيها، وورَّطوا غيرهم، وجدوا أن الأمر على خلاف الواقع، فهذا مما يحرُم؛ بسبب ما تضمنه من الغش والتدليس، وإظهار الأمر على خلاف الحقيقة.
طبعًا التسويق الهرمي والشبكي أسبابالتحريم فيه متعددة، لكن هذا من الأسباب كما تقدم أنه عندما نذكر سببًا في صورة أو تطبيق لا يعني انحصار أسباب التحريم في هذا السبب فقط.