"بَابُ الصَّوْمِ لِمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعُزُوبَةَ"
قال رحمه الله تعالى: "حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ".
قوله رحمه الله: "بَابُ الصَّوْمِ لِمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعُزُوبَةَ" أي: باب ما يشرع من الصيام لمن خاف على نفسه عدم الزواج، وهي العزوبة، فالعزوبة: عدم الزواج. فإذا كان يخشى على نفسه العزوبة، أي: العَنَت الذي يلقاه من لا زوجة له، بسبب ما لديه من رغبة، فإنه يُشرع له الصوم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ»، وجاء في رواية: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ»؛ خطاب لأحوج من يكون من شرائح المجتمع للزواج؛ الشباب. وهو للشباب ذكورًا وإناثًا، أما الذكور طلبًا، وأما الإناث قبولًا؛ لأن بعض الإناث يأتيها من يتقدم لها ثم ترفض، فهذه يقال لها ما قيل: «مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ».
والباءة هنا: القدرة البدنية والمالية، ولكن الذي يظهر أن المقصود بالباءة هنا: القدرة المالية؛ لأن الباءة التي هي القدرة البدنية موجودة؛ لقوله: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ» في الرواية الأخرى. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ» إذا كان غير قادر بدنيًّا بمعنى أنه لا شهوة له مثلًا، أو شهوته ضعيفة لا توقعه في عنت، فهو لا يحتاج إلى قوله: «وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ» فالباءة المراد بها هنا القدرة المالية على الزواج.
قوله صلى الله عليه وسلم: «فَلْيَتَزَوَّجْ» أي: فليقترن بزوجة.