قوله رحمه الله: "بَابُ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ" أي: حكم القبلة على الصائم، وأثرها في صيامه.
وظهر مما ساقه المؤلف رحمه الله من آثار وأحاديث أنه لا بأس بالقبلة للصائم. وقد اختلف العلماء رحمهم الله في القبلة للصائم؛ فمنهم من أباحها كما دلت عليه الأحاديث؛ حديث عائشة رضي الله عنها، من ذكرها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض أزواجه وهو صائم، ثم ضحكت، وهي بهذا تعني نفسها رضي الله عنها، وحديث أيضًا أم سلمة قالت: كان يقبل وهو صائم. وقد جاء ذلك عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء عنه أيضًا أنه فرَّق في القبلة بين الشاب والشيخ؛ فرخص للشيخ دون الشاب من حديث أبي هريرة، لكن الحديث في إسناده مقال مسند أحمد (6739)، وقال الهيثمي في المجمع (4962): فيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وفيه كلام.
والصواب عدم التفريق بين شاب وشيخ، إنما يقال: من كان يخشى على نفسه من القبلة أن يفسد صومه بإنزال أو بوقاع محرم فإنه لا يجوز له القبلة؛ لأنه من باب ما لا يمكن اجتناب المحرم إلى باجتنابه فيجب اجتنابه، والوسائل لها حكم المقاصد.
وأما إذا كان يأمن على نفسه فإنه لم يمنع من ذلك؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أتقى الناس وأنقاهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم.