شرح العقيدة الواسطية

من 1439-02-06 وحتى 1440-12-06
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1284

التاريخ : 2018-09-18 08:21:29


يفصل المؤلف –رحمه الله- في أحوال هذا اليوم فيقول.

"فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين حفاة عراة غرلا، وتدنو منهم الشمس، ويلجمهم العرق، وتنصب الموازين فتوزن فيها أعمال العباد ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَوتنشر الدواوين ـ وهي صحائف الأعمال ـ فآخذٌ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله، أو من وراء ظهره كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا اقْرَا كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ [الإسراء: 13- 14]".

  

النفخة التي يقوم بها الناس لرب العالمين، وقد تقدم قبل قليل أن النفخة المذكورة في القرآن نفختان؛ نفخة صعق، ونفخة بعث ونشور، هل هناك نفخة ثالثة؟ ذكرت أن من أهل العلم وحكي أنه قول الجمهور يثبت نفخة ثالثة لكنها ليست نفخة بعث ولا نشور، إنما هي نفخة صعق تكون يوم القيامة يصعق بها الناس، ولعل ذلك في موقف القيامة، فيكون أول من يرفع رأسه بعد تلك النفخة النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- وفيه أنه إذا رفع رأسه رأى موسى عليه السلام آخذا بشيء من العرش.

وقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: أنه سلم من هذه النفخة من الصعق في هذه النفخة لما جرى له من الغياب والصعق الذي كان عندما ﴿تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا[الأعراف: 143] فجوزي بتلك الصعقة أنه يستثنى من الصعق الذي يكون يوم القيامة بعد خروج الناس من قبورهم هذه النفخة الثالثة الذي ذكرها بعض أهل العلم، والمستند فيها لما جاء به الخبر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما صح عنه في البخاري وغيره.

  

إذا قام الناس لرب العالمين، إذا نفخ في الصور قام الناس لرب العالمين يقول المؤلف –رحمه الله-: "فيقوم الناس من قبورهم" بعد عود أرواحهم إلى أبدانهم في حياة جديدة مختلفة عن حال حياتهم في الدنيا، وعن حال حياتهم في البرزخ وهي لحظة فيها شدة وكرب عظيم يذهل الناس فيه عن أنسابهم وسائر ما كان من شئونهم حتى تذهل المرضعة عما أرضعت كما قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ[الحج: 1]والزلزلة تكون في ذلك اليوم بعد خروج الناس من قبورهم، تزلزل بهم القلوب والأبدان ﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ وأعظم ما يصيب من الزلزلة ما يصيب القلوب من الوجل والخوف والفزع الذي يكون يوم القيامة، وهو فزع عام لا يُستثنى منه إلا من أمَّنه الله –جل وعلا- من أوليائه وعباده الذين قال تعالى فيهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ[الأنبياء: 101- 102] يقول الله تعالى: ﴿لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ[الأنبياء: 103] أي لا تصيبهم في ذلك الفزع وفي ذلك الجمع العظيم وفي تلك الأهوال ما يخيفهم أو يضجرهم﴿لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ[الأنبياء: 103] فتتلقاهم الملائكة تثبتهم وتؤمنهم من أهوال ذلك اليوم وما يكون فيه من عظائم، فالذي ينجو من ذلك الفزع ويقدم أمنا هو من قدم بالحسنات، ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ[النمل: 89] نسأل الله أن يجعلنا منهم.

  

﴿وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ فهو يوم عظيم شديد الأهوال، يقوم فيه الناس لرب العالمين للمحاسبة على أعمالهم، ويقدمون على هذا النحو حفاة عراة غرلا كما قال الله تعالى: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ[الأنبياء: 104] أي يعيده على نفس هيئته السابقة، فكما خرج الناس من بطون أمهاتهم على هذا النحو حفاة عراة غرلا: يعني غير مختونين. كذلك يحشرون ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ[الأنبياء: 104]، وكما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ[الأنعام: 94] على الصفة التي عليها أول مرة فيرجع الإنسان على هذه الصفة حفاة عراة غرلا.

وقد جاء ذلك في هذا التفصيل لبيان صفة البعث وأنهم حفاة عراة غرل جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه أن النبي –صلى الله عليه وسلم- خطب على المنبر فقال: «إنكم ملاقوا ربكم» أي راجعون إليه حفاة عراة غرلا.

ومعنى "غرلا" أي غير مختونين.

وقول "حفاة" ليس ثمة شيء يقي أقدامكم.

و"عراة" أي ليس ثمة شيء يقي أجسادكم.

فالناس يَتَوَقُّونَ بما خلق الله من اللباس الحر والبرد كما قال تعالى: ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ[النحل: 81] فذكر السرابيل وهي الألبسة التي يتوقى الناس بها الحر، والسرابيل التي يتوقى بها الناس ما يكرهون من البأس والشدة، كل هذا لا وجود له يوم القيامة، فالناس يأتون عراة ليس عليهم شيء مما يتوقون به ما يكرهون من حر أو برد أو بأس.

وقوله –صلى الله عليه وسلم-: "غرلا" أي غير مختونين هذا معنى قوله: غرلا أي من غير ختان فيرجع الخلق كما كان، فإذا خرج الناس على هذه الصفة فزعين أمن الله تعالى عباده المؤمنين كما قال تعالى: ﴿لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ[الأنبياء: 103] فيلقى الله في قلوبهم من الأمن ما يزول عنهم به كل خوف ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ[يونس: 62- 63] جعلني الله وإياكم منهم.

ثم ذكر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وجاء في القرآن من أهوال ذلك اليوم ما تشيب له الولدان ومنه ما أخبر به النبي في حديث المقداد بن الأسود رضي الله تعالى عنه في صحيح الإمام مسلم أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا كان يوم القيامة» يعني إذا جاء يوم القيامة «أدنيت الشمس من العباد» أي اقتربت الشمس من رؤوس الخلائق «حتى تكون قدر ميل» أي حتى تكون المسافة بين الناس والشمس قدر ميل أي بمسافة الميل، والميل هنا للعلماء فيه قولان:

- منهم من قال: الميل هو ميل المكحلة يعني الذي يدخل في المكحلة وتكحل به العين، فيكون بقدر أمبولتين أو نحو ذلك.

- وقيل الميل: هو المسافة المعروفة وهي ألف وستمائة متر بالحساب المعاصر.

وهذا أو ذاك كلاهما قريب، الشمس يا إخواني التي في سمائنا لو اقتربت عن موضعها أدنى ما يكون من القرب لاحترق ما على الأرض لشدة حرارتها وهلاك الناس بهذا الاقتراب، فكيف باقترابها على هذا النحو؟ لا تقل كيف؟ لا تقل لماذا لا يحترقون مع قرب الشمس منهم على هذا النحو؟

الجواب على هذا: أن أحوال يوم القيامة أحوال مختلفة فيعطي الله الأبدان من القدرة والقوة على تحمل أهوال ذلك اليوم ما تدنو الشمس على هذا القدر ولا يكون ذلك سببا لاحتراقهم.

غاية ما هنالك أن يتأذى الخلق بذلك ويرشحون عرقًا، يقول النبي –صلى الله عليه وسلم- في تفاوت العرق في ما يكون من رشح الناس قال: «فيكونون في العرق» أي يكون الخلق كلهم في العرق، لكنه متفاوت بقدر الأعمال ولذلك يقول –صلى الله عليه وسلم-: «فيكونون في العرق بقدر أعمالهم» وهم في ذلك متفاوتون منهم من يأخذه العرق إلى عقبيه، العقب هو مؤخرة القدم، ومنهم من يأخذه العرق إلى حِقويه؛ يعني: إلى موضع ربط الإزار وسطه أو السروال وهو وسط الإنسان، ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا يعني يبلغ موضع اللجام وهو الفم هذا موضع اللجام فيما يلجم من الحيوان والمقصود به الفم، فيلجمه أي: يبلغ حدًا يكون في موضع اللجام وهو الفم وهذا بقدر ما يكون معهم من الإساءة والتقصير، فيضيق الناس بذلك أشد ما يكون من الضيق حتى يشكو بعضهم إلى بعض فيذهبون إلى أعيانهم، فيأتي أهلُ الإيمان إلى الرسل.

يأتون إلى آدم يطلبون منه أن يشفع عند رب العالمين في أن يأتي الله لفصل القضاء، ليريح الناس من هذا الموقف العظيم، فيذهبون إلى آدم ويقولون له مقالة فيعتذر ويحيلهم إلى نوح أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض، فيأتون نوحًا فيعتذر ويحيلهم إلى إبراهيم عليه السلام خليل الرحمن، فيأتون إليه فيعتذر ويحيلهم إلى موسى عليه السلام كليم الرحمن فيعتذر ويحيلهم إلى عيسى عليه السلام فيعتذر، كل من تقدم يذكرون سببا لاعتذارهم آدم يذكر أكله من الشجرة، ونوح يذكر دعوته على أهل الأرض بالغرق، وإبراهيم يذكر الكذبات الثلاث، وموسى يذكر ما كان مِن قتله مَن قتل، وأما عيسى فلا يذكر عذرًا إنما يعتذر بأنه لا يبلغ هذه المنزلة ويحيلهم إلى النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- فيأتي الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يطلبون منه الشفاعة عند رب العالمين، لا أن يخلصهم من الموقف بنفسه، إنما يشفع عند رب العالمين.

فيقول –صلى الله عليه وسلم-: «أنا لها أنا لها» وهذا هو المقام المحمود الذي يحمده عليه الأولون والآخرون من الناس أجمعين، الإنس والجن أجمعون يحمدونه على شفاعته في ذلك وهو الذي ذكره الله تعالى في قوله: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا[الإسراء: 79].

أي يحمدك به الخلق، وهو ما يكون في ذلك اليوم من شفاعته –صلى الله عليه وسلم- يقول: «أنا لها أنا لها» فيأتي –صلى الله عليه وسلم- فيسجد عند العرش لا يبدأ بالشفاعة، فيفتح الله عليه من المحامد وثناء الله الثناء على الله ويفتح عليه من تمجيد الله ما لا يعرفه في الدنيا كما قال –صلى الله عليه وسلم-: «فيفتح علي من المحامد ما لا أعلمه اليوم» فيقال له: «ارفع رأسك وقل يسمع واشفع تشفع» فيشفع لدى الله في أن يأتي لفصل القضاء ويخلص الناس من أهوال ذلك اليوم العظيم.

هذا اليوم يأتي الله –عز وجل- فيه للحساب كما قال تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا[الفجر: 22]، ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ[البقرة: 210] فيأتي الله تعالى لفصل القضاء بين الناس.

  

والقضاء وهو الحساب ليس خاصا بفئة من الخلق، بل هو عام للخلق كلهم ولهذا يحشر الله تعالى البهائم.

فقوله –رحمه الله-: "فيقوم الناس" هذا ليس تخصيصا للناس دون غيرهم بل هذا ذكر ما يتعلق بالبشر، والجن ملحقون بهم وأما البهائم فلم يأتِ لهم ذكر في كلامه –رحمه الله-.

حساب البهائم القصاص:

والأدلة في الكتاب والسنة دالة على أن البهائم تبعث وتحشر وتحاسب بأن يقتص الله تعالى ما يكون بين البهائم من جنايات، أما بعثهم ونشورهم فقد ذكره الله تعالى في قوله: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ[الأنعام: 38] يعني أمم كالبشر وكالناس ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ كله عند رب العالمين ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا[مريم: 93] الله أكبر ﴿لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا﴾[مريم:94] جل في علاه سبحانه وبحمده.

فكل من في السماء والأرض يأتي إلى ذلك الموقف العظيم، وقد علمه الله –عز وجل- وأحصاه إحصاء دقيقًا، إحصاء علم وإحاطة علمية وكذلك بالكتابة؛ كله كما قال –جل وعلا-: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ[الأنعام: 38] الكتاب هو: اللوح المحفوظ الذي قيد الله تعالى كتب الله تعالى فيه ما يكون من شئون الخلائق ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ[الأنعام: 38].

ولك أن تتخيل هذا الجمع العظيم الآن لو مر بك سرب من الطير كبير وجدت في نفسك هيبة لهذا الجمع الكبير الذي يمر بك، فكيف إذا جمع الله كل طائر عبر القرون وكل حيوان عبر القرون منذ أن خلق الله الخليقة إلى أن يقيم الله القيامة ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ[الأنعام: 38] أي يجمعون، وقد قال الله تعالى في جمع الحيوان ﴿وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ[التكوير: 5] لماذا ذكر الوحوش مع أن الجمع لكل الحيوان؟ ذكر الوحوش لأن الوحوش تشرد في العادة لا يتمكن الناس من تحصيلها بل تهرب، لكنها يوم القيامة تأتي راغمة ولذلك خصها بالذكر مع أن الحشر لجميع الحيوان، الوحش وما كان أليفًا مستأنسًا عند الناس، فإنه جميعًا يأتي منقادًا ذليلًا كما قال تعالى: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا[مريم: 93- 94] سبحانه وبحمده، فيحشر الله تعالى الخلائق ويقيم الموازين القسط ويحاسبهم على أعمالهم.

والوزن ليس خاصا بفئة دون فئة، بل لكل الخلق يقول الله تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ[الأنبياء: 47].

وقد ذكر المؤلف –رحمه الله- في كلامه الموازين فقال: "وتنصب الموازين".

  

والأدلة في الكتاب والسنة دالة على أن البهائم تبعث وتحشر وتحاسب بأن يقتص الله تعالى ما يكون بين البهائم من جنايات، أما بعثهم ونشورهم فقد ذكره الله تعالى في قوله: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ[الأنعام: 38] يعني أمم كالبشر وكالناس ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ كله عند رب العالمين ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا[مريم: 93] الله أكبر ﴿لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا﴾[مريم:94] جل في علاه سبحانه وبحمده.

فكل من في السماء والأرض يأتي إلى ذلك الموقف العظيم، وقد علمه الله –عز وجل- وأحصاه إحصاء دقيقًا، إحصاء علم وإحاطة علمية وكذلك بالكتابة؛ كله كما قال –جل وعلا-: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ[الأنعام: 38] الكتاب هو: اللوح المحفوظ الذي قيد الله تعالى كتب الله تعالى فيه ما يكون من شئون الخلائق ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ[الأنعام: 38].

ولك أن تتخيل هذا الجمع العظيم الآن لو مر بك سرب من الطير كبير وجدت في نفسك هيبة لهذا الجمع الكبير الذي يمر بك، فكيف إذا جمع الله كل طائر عبر القرون وكل حيوان عبر القرون منذ أن خلق الله الخليقة إلى أن يقيم الله القيامة ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ[الأنعام: 38] أي يجمعون، وقد قال الله تعالى في جمع الحيوان ﴿وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ[التكوير: 5] لماذا ذكر الوحوش مع أن الجمع لكل الحيوان؟ ذكر الوحوش لأن الوحوش تشرد في العادة لا يتمكن الناس من تحصيلها بل تهرب، لكنها يوم القيامة تأتي راغمة ولذلك خصها بالذكر مع أن الحشر لجميع الحيوان، الوحش وما كان أليفًا مستأنسًا عند الناس، فإنه جميعًا يأتي منقادًا ذليلًا كما قال تعالى: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا[مريم: 93- 94] سبحانه وبحمده، فيحشر الله تعالى الخلائق ويقيم الموازين القسط ويحاسبهم على أعمالهم.

والوزن ليس خاصا بفئة دون فئة، بل لكل الخلق يقول الله تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ[الأنبياء: 47].

وقد ذكر المؤلف –رحمه الله- في كلامه الموازين فقال: "وتنصب الموازين".

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق