قال - رحمه الله -: "وتعلقت الاستعاذة في أوائل القرآن باسمه الإله، وهو المعبود وحده؛ لاجتماع صفات الكمال فيه".
قال - رحمه الله -: "وتعلقت الاستعاذة في أوائل القرآن باسمه الإله"؛ أي: صارت الاستعاذة مشروعة عندما يبتدئ الإنسان في أوائل قراءته، كما قال الله - تعالى -: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾[النحل:98]، والاستعاذة بالله - عزَّ وجلَّ - تكون عند القراءة، وتكون عندما يعرض للإنسان من تزيين الشيطان أن يقع في سوء، أو شر؛ ولذلك قال - جلَّ وعلا -: ﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[الأعراف:200]، وفي الآية الأخرى: ﴿ِإِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾[فصلت:36].
وذِكْر اسم "الإله" في الاستعاذة يدل على أنَّه الذي يكون منه العطاء، وهو المسئول في كلِّ مطلوب، ومنه النجاة - جلَّ وعلا -، فذكر اسم الله في الاستعاذة يدل على أنَّه المطلوب في حصول المقاصد، والمراغب، ودفع المخاوف، ويكون منه العطاء، والهبات - سبحانه وبحمده -.
يقول - رحمه الله -: "وهو المعبود وحده لاجتماع صفات الكمال فيه"؛ وهو المعبود وحده؛ أي: المستحق أن يعبد وحده لا شريك له، وموجبات ذلك "اجتماع صفات الكمال"؛ وهذا بيان اتصال توحيد الإلهية بتوحيد الأسماء والصفات.
تقدم أن توحيد الربوبية: وهو إفراد الله بالخلق، والملك، والرزق، والتدبير يستلزم توحيد الإلهية، فمن كمَّل توحيد الربوبية قاده إلى أن يوحد الله في إلهيته، فلا يتوجه إلى غيره، ولا يقصد سواه.
وكذلك توحيد الأسماء والصفات، فمن علم ما لله من الكمالات، وما له من الأسماء الحسنى، والصفات العلا؛ فإنَّه لا بد أن ينتهي به المآل إلى أن لا يتوجه إلى غير الرحمن - جلَّ في علاه- في مطالبه، ومسائله، ومراغبه، وكل ما يرجوه حصولًا، وكل ما يخافه وقوعًا، فينزل به حاجاته، ويسأله - جلَّ وعلا - كل ما يرغب فيه من خير الدنيا والآخرة؛ ولهذا يقول: "وهو المعبود وحده لاجتماع صفات الكمال فيه".