تجريد التوحيد المفيد

من 2017-12-30 وحتى 2020-01-15
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1709

التاريخ : 2018-03-12 10:02:46


"الضرب الرابع: مَن أعماله على متابعة الأمر، لكنها لغير الله تعالى، كطاعات المُرائين، وكالرجل يُقاتِل رياءً وسمعةً وحَميَّةً وشجاعةً وللمَغْنم، ويحُجُّ لِيُقال، ويقرأ لِيُقال، ويَعْلَمُ ويُعَلِّم لِيُقال، فهذه أعمالٌ صالحةٌ لكنها غير مقبولة".

هذا هو القسم الرابع من أقسام الناس في الإخلاص والمتابعة: وهم من عنده عملٌ صالح، يتابع النبي - صلى الله عليه وسلم - في عمله، لكن قلبه متخلِّف، فهو غير مخلصٍ لله - عزَّ وجلَّ - في عمله، إما أن يقصد بعمله الدنيا، وإما أن يقصد بعمله مدح الناس وثناءهم ومراءاتهم بما يكون من صالح عمله، وهؤلاء خائبون خاسرون؛ إذ إن العمل لا يُقْبَل منه إلا ما كان لله خالصًا واِبْتُغِي به وجهه؛ فعن أبي أمامة الباهلي، قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ - أي: الثناء من الناس - مَا لَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا شَيْءَ لَهُ» فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا شَيْءَ لَهُ» ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ» أخرجه النسائي في الصغرى (3140)، وحسَّن إسناده العراقي في تخريج الإحياء (1754)، وجوَّد إسناده الحافظ في الفتح (6/ 28) ؛ أي: ما كان خالصًا لله وطُلِب الأجر والثواب منه - جلَّ في علاه -، فمن كان عمله مُتْقَنًا صالحًا في متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكنه يرائي بذلك الناس؛ يطلب مدحهم وثناءهم، ويقصد شيئًا من مصالح الدنيا بهذا العمل، فإنه لن يُدْرِك ما يؤمِّل من النجاة، فالنجاة في الإخلاص، ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة:5].

  

وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلم من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة: «يقول الله تعالى: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» أخرجه مسلم (2985) يعني: وعمله، يعني: الله يتركك، وإذا تركك الله من لك؟ ليس فقط العمل، بل الله يتركك، وإذا تركك هلكت، فينبغي للمؤمن أن يحذر أن يكون في قلبه قصد غير الله.

وفي الحديث الطويل حديث سُلَيْمَان بن يسار عن أبي هريرة في قصة ناتِل أهل الشام الذي سأل أبا هريرة فقال: «أَيُّهَا الشَّيْخُ، حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» فقصَّ عليه خبر الثلاثة: العَالِم المعلِّم القارئ للقرآن، المُتَصَدِّق، المجاهد؛ هؤلاء الثلاثة هم أول من تُسَعَّر بهم النار؛ لماذا؟ لأنهم عملوا صالحًا لم يكن غرضهم فيه إلا أن يُقال: عالم، قارئ للقرآن، متصدق، جريء، شجاع، «فَقَدْ قِيلَ» أخرجه مسلم (1905) أي: أدركتم ما من أجله عمِلْتُم في دنياكم، قد قيل ما تريدون، ولكن ليس لهم في الآخرة من خلاق، ليس لهم ثواب، ولا عمل، ولا نتاج؛ لأنهم لم يخلصوا العمل لله - عزَّ وجلَّ -.

هذه أقسام الناس فيما يتعلق بالإخلاص والمتابعة.

الفائزون - أسال الله أن يجعلني وإياكم منهم - هم: الذين حققوا الإخلاص لله؛ فلم يبتغوا سواه في أعمالهم، وهم الذين عَطَفُوا على الإخلاص - ضَمُوا إلى الإخلاص - متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، والحرص على سُنَّتِه، والعمل بهديه في كل شأنٍ، دقيقٍ أو جليل، صغيرٍ أو كبير، في معاملة الخلق، وفي معاملة الخالق، هؤلاء هم الفائزون.

نكمل - إن شاء الله تعالى - القراءة بعد الصلاة، ونجيب على ما يسَّر الله من الأسئلة.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق