أسباب حياة القلوب

من 2018-03-14 وحتى 2021-03-01
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1552

التاريخ : 2018-04-08 16:07:38


يقول -رحمه الله-: "وأعظم محذورٍ" يعني وأكبر ما ينبغي أن يُحذر ويُخاف ويُخشى ويُتقى مرض موت القلب؛ لأن موت القلب أمرٌ خفيٌ في غالب الأحيان لا يشعرُ به الإنسان، يُصيب قلبه الموت وهو غير منتبه، وهذا من تضليل الشيطان للإنسان، فإن القلب إذا مضى في الشهوة والفساد والشر والبعد عن طاعة الله وذكره تملكه الشيطان، كما قال الرحمن: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ[المجادلة:19] أي: تملكهم تملكًا تامًا حتى أصبحوا عبيدًا له، ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ[المجادلة:19] أي: أغفلهم عن ذكر الله جلَّ وعلا.

  

فمرض القلب وموته لا يُشعر به في كثيرٍ من الأحيان، بل قد يظن أصحاب القلوب الميتة والمريضة أنها صحيحةٌ سليمة، عندها تعظم المصيبة، ولذلك يقول الله تعالى عن أولئك الذين كذَّبوا وعاندوا: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ[الحجر:72]، يُقسم الله تعالى في هذه الآية أو يذكر ما هو شبيهٌ بالقسم ﴿إِنَّهُمْ﴾ أي: يُكذبوك يا محمد، ﴿لَفِي سَكْرَتِهِمْ﴾ أي: غيَّهم وضلالهم وغفلتهم، ﴿يَعْمَهُونَ﴾ أي: يمضون في عماء.

﴿أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ[البقرة:12] عند ذلك تستحكم البلية وتعظم المصيبة أن يمضي الإنسان في الضلال وهو يظن أنه ماضٍ في صلاح، ولذلك المنافقون ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ(12)[سورة البقرة: 11-12] والمشكلة أنهم لا يشعرون، ﴿أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ﴾، ولا عجب فمثل ميت القلب ومريضه كالسكران، السكران الذي زال عقلُه لا يشعر بما يُصيبه من آلام، مثل المُبنج الذي ذهب إحساسه بالبنج، مهما جرى عليه من الآلام لا يشعر به، كذلك الإنسان في حال الخوف والاضطراب لا يشعر بما يُصيبه من الآلام؛ لأنه مشتغلٌ بما هو أكبر وهو الفرار من المخوف، ولذلك تجد أنه قد يصيبه ما يُصيبه في حال الخوف ولا يشعر به ولا يتنبه إلا بعد أن يُفيق؛ يذهب المُدهِش الذي غطَّى قلبه واغفله عما يُصيبه من الآفات والآلام، كذلك هؤلاء.

هذا مثل في أمور محسوسة يُشاهدها الناس، كذلك فيما يتعلق بأمراض القلوب، من أمراض القلوب وموتها ما لا يُدرك، لا يشعر به الإنسان يظن أنه على خير، وإنه على صلاح، وإنه في أمرٍ مستقيم، والواقع أن قلبه قد غشاه ما غشاه من العمى، وقد يكون دبَّ إليه الموت فأصابه ما أصابه من الموت.

  

لهذا جديرٌ بأن يُبادر إلى العناية بقلبه بكثرة ملاحظة ما يؤثر عليه؛ لأن كل معصية، كل سيئة، كل تقصير في واجب لا بُد أن يترك أثر في القلب، لا بُد، فأيما قلبٍ أُشربها نكتت فيه نُكتةً سوداء، لا بُد أن يكون للمعصية أثر في القلب، لكن أحيانًا ما يبدو الأثر، ما يحس به الإنسان، ما لجُرحٍ بميتٍ إيلام، ما يشعر به الإنسان لا لأنه ما في تأثير على القلب، لكن لعظيم غفلته واستحكام ضلالته ما يشعر بما يُصيب قلبه، فتجده يمضي ويستكثر حتى يكون كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أسْوَدُ مُرْبَادًّا»، أسود من جهة اللون، مربادا أي: بهيم في شدة ظُلمته، ليس سواد لون، إنما ظُلمة تغشاه فتذهب ببهائه ونوره وذكاءه، «كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا» يعني كالكوب مقلوبًا لا يعرف معرُوفًا ولا يُنكر منكرا.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق