أسباب حياة القلوب

من 2018-03-14 وحتى 2021-03-01
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1932

التاريخ : 2018-04-08 16:06:56


قال رحمه الله:

ومؤثر محبوب سوى الله قلبه مريض                                            على جرف من الموت والعمى

إذا اختل هذا الميزان وهو تقديم محاب الله على محاب النفس فعند ذلك يظهر كذب حب الله_عز وجل_ في قلب العبد فإن من قدَّم محاب نفسه ومشتهياتها على محاب الله عز وجل كان ذلك دليلًا على عدم صدقه في محبته وبقدر ما يقدم المؤمن محاب الله على محاب نفسه يدرك بذلك صحة الإيمان وصدقه.

 ولذلك قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا[التوبة:24]، ثمانية محبوبات وهى أصول ما يحبه الناس ويتعلقون به ويقدمونه على محبة الله ورسوله،﴿ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا﴾ أي: انتظروا، العقوبة ﴿فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ[التوبة:24]  ولا يتوعد الله بالعقوبة إلا على معصية وعلى ذنب.

 هذا يدل على أن هذه الأحوال من تقديم هذه المحبوبات على محبة الله ورسوله ومحبة ما يحبه الله ورسوله من الأعمال الصالحة دليل على ضعف الإيمان ولهذا يقول الناظم رحمه الله في دلالة هذا على ضعف الإيمان.

  

قال: "ومؤثر محبوب سوى الله قلبه مريض" فكل من قدم محبوب غير الله على الله ورسوله وطاعة الله ورسوله فقلبه مريض ويوشك أن يفضى به إلى الهلاك، لذلك قال "مريض على جرف" أي على هاوية، فالجرف هو ما يخشى معه السقوط والهوي أي على جرف من الموت والعمى يعني على مقاربة أن يصيبه موت القلب أو يصيبه عمى القلب، وكلاهما بلية لا نجاة منها إلا بتسليم الله عز وجل ووقايته.

 فإن موت القلب انطماس نوره وعماه عدم إبصاره، وكلاهما يعمى به الإنسان عن مواقع الهدى ويقع فيما هو لَظَى من عذاب مُعجَّل

 هوى غيركم نار تلظى و ومحبس                     وحبكم الفردوس بل هو أفسح

فحب الله _عز وجل_ هو جنة الدنيا ولذلك يقول الشاعر رحمه الله "وحبكم الفردوس أو هو أفسح" وأوسع فما يناله المؤمن من محبة الله من الانشراح والبهجة والسعادة والسرور والاطمئنان لا يوازيه محبة من المحبوبات مهما كانت.

  

ولهذا مما يعين الإنسان على ترك المعصية تقديم محاب الله على محبوبات نفسه وأن يوقن أنه إن قدَّم محبوبات الله على محبوبات نفسه فسيعقبه الله في قلبه لذةً تفوق اللذة التي سيدركها بمواقعة المحرم.

 فالله أمر بغض البصر ووعد على ذلك أجرًا ونعيمًا أعظم من نعيم إطلاق البصر، ذلك أزكى لهم، والزكاة بهجة وسرور وانشراح وطمأنينة في القلب إذا قورنت لذه زكاء القلب بلذة النظر المحرم تلاشت تلك اللذة لم يبق من لذة المحرم شيءٍ بل على العكس لذة المحرم تُعقب حسرة و ندامة وظلمة في القلب، وألم حجز النفس عن المحرم يُعقب سرورًا وبهجة لذلك قال _صلى الله عليه وسلم_ «حفت الجنة بالمكاره»  حفت يعنى أحيطت فأنت تقتحم هذه المكاره لتصل إلى الجنة التي هي السعادة والطمأنينة و البهجة والسرور والنعيم في حين تماديك في المعصية يوقعك في الهلاك.

 «وحفت النار بالشهوات» فدخولك فيما تشتهيه هو في النهاية يوصلك إلى النار، النار ليست فقط هي النار التي تكون في الآخرة بل ما يكون في قلب الإنسان من ألم المعصية وأذى مخالفة أمر الله والوحشة والظلمة الناتجة عن معصيته جل في علاه أعظم من ما يدركه من ملذات هذه المشتهيات لهذا قال الشاعر:

هوى غيركم نار تلظى و ومحبس                وحبكم الفردوس بل هو أفسح

نسأل الله السلام والعافية.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق