الطهارة من الروض المربع

من وحتى
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 77

التاريخ : 2025-10-19 10:12:59


 الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.

قد قال المصنف الشيخ منصور في شرحه (الروض المربع) في تعريف الماء الطهور.

قال –رحمه الله-: (وهو الباقي على خلقته) أي: على صفته التي خلق عليها) ثم قسم الماء الباقي على خلقته إلى قسمين الإقناع في فقه الإمام أحمد (1/3), وكشف المخدرات (1/42):

القسم الأول: (إما حقيقة) أي أنه باق على خلقته حقيقة، ثم بين المقصود به بقوله: (بأن يبقى على ما وجد عليه من برودة أو حرارة أو ملوحة ونحوها)، فلا يطرأ عليه أي نوع من أنواع التغيير التي يمكن أن تطرأ على الماء، سواء كان في بحر أو بئر أو نازل من السماء أو نابع من الأرض أو غير ذلك.

القسم الثاني: ما كان باقياً على خلقته (حكمًا) أي يحكم ببقائه وإن كان قد طرأ عليه شيء من التغير، لكن هذا التغير الطارئ لم ينقله عن الأصل، وهو أنه طهور.

قال –رحمه الله-: (أو حكمًا) ثم قال: (كالمتغير بمكثٍ أو طحلبٍ ونحوه مما يأتي ذكره) (كالمتغير بمكث) أي بطول مكثٍ بأن يبقى الماء في مكانه سواء كان في وعاء أو كان في قرار من بئر أو نحوه، ويتغير بطول المكث، أو بطول المدة، أو بطول الزمان، فهو طهور مع ما طرأ عليه من تغير بسبب طول الزمان الوجيز في فقه الإمام أحمد ص (47)، وكشف القناع (1/25).

قال: (أو طحلب ونحوه) أي مما يشق صون الماء عنه من نبات يكون في الماء، وما أشبهه؛ ولذلك قال: (ونحوه مما يأتي ذكره) أي مما سيبين حكمه.

وبعد أن ذكر المؤلف –رحمه الله-تعريف الماء الطهور وأقسامه: وهو الطهور حقيقة، والطهور حكمًا، ذكر ـ رحمه الله ـ أنواع التغيرات الطارئة على الماء الطهور، وما أثر ذلك التغيير في استعمال الماء.

 

  

النوع الأول من أنواع التغيرات الطارئة على الماء: قال –رحمه الله-: (فإن تغير بغير ممازج) أي مخالط (كقطع كافور) وعود قماري (ودهن) طاهر على اختلاف أنواعه، قال في الشرح: وفي معناه ما تغير بالقطران والزفت والشمع ؛ لأن فيه دهنية يتغير بها الماء) الشرح الكبير على المقنع (1/38) هذا هو أول أنواع التغير الذي يطرأ على الماء الطهور، وهو الطهور المتغير بطاهر غير ممازج أي بغير مخالط، فهو خلط الماء ؛ لكنه لم يمازجه يعني لا يكون هو والماء شيئًا واحدًا، ولذلك قال: (بغير ممازج)، ومثل له بقطع كافور أو دهن واشترط في هذا المخالط غير الممازج أن يكون طاهرًا.

ولذلك قال: (طاهر) لأنه لو كان نجسًا، فإنه يؤثر ـ كما سيأتي فيما نستقبل ـ لكن هذا الواقع في الماء اتصف بوصفين:

الوصف الأول: أنه غير ممازج.

الوصف الثاني: أنه طاهر.

وما ذكر –رحمه الله-من أمثلة في قوله: (كقطع كافور وعود قماري أو دهن) وما أضافه فيما نقله عن الشرح، والمقصود بالشرح هنا (الشرح الكبير): (وفي معناه) يعني وفي معنى المذكور مما تغير بالقطران والزفت والشمع ؛ لأن فيه دهنية يتغير بها الماء، كل هذه أمثلة للمتغير بغير ممازج المغني (1/12), وشرح منتهى الإرادات (1/16).

النوع الثاني من أنواع التغير: قال: (أو بملح مائي) لا معدني فيسيبه الطهورية) أي ثاني أنواع ما يطرأ على الماء الطهور من التغير أن يخالطه ملح مائي، يعني من بحر ونحوه (لا معدني) يعني لا مستخلص من المعدن المحرر في فقه الإمام أحمد (1/2)، وعمدة الطالب لنيل المآرب ص(44).

وأما أثر هذا النوع من التغير، فإنه من جهة حقيقة الماء لا ينقله عن الطهورية، بل هو طهور، أما إذا كان الملح معدني فإنه ينقله عن الطهورية إلّا أن يكون طاهرًا.

وقوله –رحمه الله-: (لا معدني فيسلبه الطهورية) هذا ما عليه المذهب، وهو قول أكثر الأصحاب.

والقول الثاني في المذهب: أنه لا فرق بين الملح المائي والملح المعدني، فكلاهما لا يسلب الماء الطهورية ؛ بل يبقى الماء طهورًا، وهذا القول أقرب للصواب المغني (1/10ـ11)، والشرح الكبير (1/40).

النوع الثالث من أنواع التغيرات الطارئة على الماء: قوله –رحمه الله-: (أو سخن بنجس) هذا ثالث أنواع التغير الطارئ على الماء الطهور، والمقصود بالمسخن بنجس يعني الذي استعمل في تخسين مادة نجسة، كروث ما لا يؤكل لحمه أو ما نحو ذلك، فالمسخن بنجس ولو لم يصب الماء شيء منه، ولو كان مصونًا محفوظًا، فإنه يعد من التغير الطارئ على الماء الطهور يقول –رحمه الله-: (كره) أي كره استعمال، وهذا الحكم ليس خاصًا بالصورة الأخيرة من صور التغير، بل هو لجميع ما تقدم من صور التغير الثلاثة، فالمتغير بطهور غير ممازج، والمتغير بملح مائي، وما سخن بنجس كله يبقى من حيث تقسيم المياه إلى ثلاثة أقسام يبقى طهورًا ؛ لكن استعماله في الطهارة سواء في رفع الحدث أو في إزالة الخبث مكروه المغني (1/16)، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/32).

وقوله –رحمه الله-: (مطلقًا) أي من غير قيد، فكراهية هذه الأنواع الثلاثة مطلقة، لكن قيد المؤلف ذلك بقوله: (إن لم يحتج إليه)، فإن احتيج إليه زالت الكراهة، وهذه القاعدة في جميع المكروهات، أن المكروهات يزيل حكم الكراهة فيها لحاجة، فالحاجة تبيح المكروهات الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/50)، وكشاف القناع (1/28).

قوله –رحمه الله-: (سواء ظن وصولها إليها أو كان الحائل حصين أو لا) بيان لمعنى قوله: (مطلقًا) أي ما سخن بنجس كره مطلقًا سواء ظن وصول النجاسة إلى الماء أو كان الحائل يعني المانع من وصول النجاسة إلى الماء حصينًا أو لم يكن كذلك، أي ففي كل هذه الصور يكره، وكذلك مما يبين قوله: (مطلقًا) قال: (ولو بعد أن يبرد) ليس ذكرها لأجل كونه ساخنًا، ولكن لأجل أنه سخن بالنجاسة، فلو أنه سخن بالنجاسة ثم برد الماء لم تزل الكراهة.

قوله: (لأنه لا يسلم غالبًا من صعود أجزاء لطيفة إليه) هذا تعليل للكراهة مطلقًا، فإنه لا يسلم في الغالب من أن يتطرق إلى الماء شيء من أجزاء النجاسة التي سخن بها، ولو كان ذلك شيئًا يسيرًا، هذا الذي ذكره المصنف –رحمه الله-في تقرير هذه المسألة، وهي ما إذا سخن بنجس، وقد ذهب ابن قدامة ـ رحمه الله ـ إلى تقسيم ما سخن بنجس إلى ثلاثة أقسام المغني (1/15):-

القسم الأول: إذا تيقن وصول النجاسة إلى الماء، فهذا نجس إن كان الماء قليلًا.

والقسم الثاني: ما يغلب على الظن عدم وصول النجاسة إليه ؛ لكونه في حائل حصين فهذا فيه روايتين: الكراهة وعدمها، والمصنف هنا جرى على الكراهة، وهو المذهب.

والقسم الثالث: ما كان وصول النجاسة إليه محتمل، فهذا مكروه قولًا واحدًا في المذهب.

القسم الرابع من أقسام التغير الطارئ على الماء: أشار إليه بقوله: (وكذا ما سخن بمغصوب وبئر بمقبرة وبقلها وشوكها) هذا هو القسم الرابع، وهو الماء المسخن بمغصوب وما يلحق به، والمغصوب: هو ما أخذ من صاحبه قهرًا بغير حق، فلو غصب حطبًا مثلا وسخن به ماء، فإنه يدخل فيما ذكر المؤلف –رحمه الله-هنا في قوله: (وكذا ما سخن بمغصوب) أي يكره ما سخن بمغصوب، وفي الماء المسخن بمغصوب قول ثان: وهو عدم الكراهة، وهو رواية عن الإمام أحمد –رحمه الله-والدليل لذلك عدم الدليل على الكراهة ؛ لأن الكراهة حكم شرعي يحتاج الدليل، والجهة منفكة الفروع وتصحيح الفروع (1/61)، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/47).

القسم الخامس من أقسام تغير الماء: قوله –رحمه الله-: (وماء بئر بمقبرة) أي تكره الطهارة بماء بئر بمقبرة، وتعليل هذا أن ماء المقبرة مظنة لوصول النجاسة إليه غاية المنتهى (1/52)، وشرح المنتهى (1/16).

القسم السادس: قال –رحمه الله-: (واستعمال ماء زمزم في إزالة الخبث لا وضوء وغسل) أي ويكره استعمال ماء زمزم في إزالة الخبث ـ أي في إزالة النجاسة ـ سواء كانت النجاسة على البدن أو على الثياب أو كانت النجاسة على الأرض، والمؤلف –رحمه الله-ذكر الكراهة، وهو المذهب وهي إحدى الروايتين.

والقول الثاني: وهو رواية في المذهب: أن استعمال ماء زمزم في إزالة الخبث يحرم استعماله وهذه رواية من مفردات مذهب الحنابلة، إلا أن الصحيح من المذهب ما ذكره المؤلف من أنه يكره استعمال ماء زمزم في إزالة الخبث المغني (1/16), والمسائل الفقهية من كتاب الروايتين (59), والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/45).

أما استعماله في الوضوء والغسل فلا كراهية في ذلك، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى كراهية استعمال ماء زمزم في رفع الحدث، وهو رواية في مذهب الإمام أحمد، والرواية الثالثة: كراهية الغسل وحده دون الوضوء، فاستعمال ماء زمزم في رفع الحدث فيها ثلاثة أقوال هي روايات في مذهب الإمام أحمد، والصواب من ذلك الإباحة، وأنه لا كراهية في ذلك، ومستند كراهية الاغتسال بماء زمزم ما جاء عن العباس ـ رضي الله تعالى عنه ـ أنه قال: (أنا لا أحله لمغتسل، ولكنه لكل شارب حل وبل) رواه عبد الرزاق (4/ 115 – 115) (9115)، وابن أبي شيبة (1/ 41) (385) رواه ابن أبي شيبة  بإسناد لا بأس به والذي يظهر ـ والله تعالى أعلم ـ أن ذلك اجتهاد من عبد الله بن عباس إذ ليس ثمة ما يدل على مانع الاغتسال بماء زمزم، وبهذا يكون قد تم ما ذكره المؤلف –رحمه الله-من ذكر أقسام الطهور الذي يكره استعماله، وهو ستة أقسام إجمالًا:

• الماء المتغير بطاهر غير ممازج.

• الماء المتغير بملح مائي.

• الماء المسخن بنجس.

• الماء المسخن بمغصوب.

• ماء بئر بمقبرة.

• إزالة الخبث بماء زمزم.

فهذه ستة أقسام ذكرها المؤلف –رحمه الله- ثم ذكر جملة من أنواع التغير الطارئ على الماء الطهور الذي لا يسلبه الإباحة.

القسم السابق لا يسلبه الطهورية ؛ لكن يثبت الكراهة، وأما هذا القسم فهو طهور لم تسلب طهوريته ولم يتغير حكمه، فالطهارة به مباحة، وهو عدة أقسام:

القسم الأول: بدأها بذكر الماء المتغير بمكثه، فقال: (وإن تغير بمكثه) أي بطول إقامته في مقره ـ وهو الآجن ـ لم يكره ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام "توضأ بماء آجن" قال الحافظ ابن حجر «قوله: «وكان ماء هذه البئر كنقاعة الحناء»  هذا الوصف لهذه البئر لم أجد له أصلًا. قلت: ذكره ابن المنذر، فقال: ويروى أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ توضأ من بئر كأن ماءه نقاعة الحناء؛ فلعل هذا معتمد الرافعي، فيُنظر إسناده من كتابه الكبير. انتهى. في «التلخيص الحبير» (1/ 14، 15) قال: وحكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ قوله من أهل العلم سوى ابن سيرين) فذكر لنفي الكراهة دليلين:

الدليل الأول: منقول وهو أن النبي –صلى الله عليه وسلم-توضأ بماء آجن.

والماء الآجن: هو الذي يتغير بطول مكثه في المكان، من غير مخالطة شيء يغيره المغني (1/12).

والثاني: ما أشار إليه من إجماع محكي، وهو ما حكاه ابن المنذر من إجماع أهل العلم على ذلك سوى ابن سيرين المبدع في شرح المقنع (1/24), ومطالب أولي النهي (1/34), والمغني (1/12).

وثمة دليل هو أقوى مما ذكر، وهو الأصل بقاء حل استعمال الماء حتى يدل الدليل على خلاف ذلك، فإن قوله –رحمه الله-: "لأنه عليه الصلاة والسلام توضأ بماء آجن" ليس ثمة دليل يثبت ذلك، فلم يثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأما ما نقله ابن المنذر من إجماع، فيشكل عليه خلاف ابن سيرين، لكنه هو قول عامة أهل العلم، فيقال الدليل: إن الأصل بقاء حكم الطهورية وإباحة الاستعمال للماء الطهور حتى يقوم الدليل على خلاف ذلك.

قال –رحمه الله-: (أو بما) أي بطاهر يشق صون الماء عنه من نابت فيه، كطحلب أو ورق شجر) وقد تقدم في كلام المصنف –رحمه الله-الشارح الإشارة إلى هذين النوعين: التغير بمكثه وبما يشق صون الماء عنه عندما ذكر الطهور الحكمي، فإنه قد ذكر في الطهور أنه قسمان: إما حقيقي، وإما حكمي، وهذا من الطهور الحكمي.

وقوله –رحمه الله-: (بما يشق صون الماء عنه) أي المتغير بطاهر تحصل المشقة بإبعاد الماء عنه، ولو مازجه ومثل لذلك من نابت فيه وورق شجر وسمك وما تلقيه الريح أو السيول من تبن ونحوه، وطحلب كل هذا مما يشق صون الماء عنه عمدة الطالب لنيل المآرب (44)، والكافي في فقه الإمام أحمد (1/22)، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/22).

قال: (فإن وضع فيه قصدًا أو تغير به الماء عن ممازجة، سلبه الطهورية) (فإن فيه وضع قصدًا) أي وضعت هذه المذكورات في الماء وتغير به الماء عن ممازجة يعني مخالطة، فإنه يسلبه الطهورية ؛ لأنه لا يشق صون الماء عنه، وقد جرى عليه ما يغيره الفروع وتصحيح الفروع (1/64)، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/40).

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق