الطهارة من الروض المربع

من وحتى
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 66

التاريخ : 2025-10-19 10:45:28


 بعد أن فرغ المؤلف –رحمه الله- من ذكر ما يتصل بالاستنجاء وهو إزالة الخبث من محل الخارج من السبيلين، انتقل إلى ما يتعلق بالوضوء، وابتدئه بباب السواك وسنن الوضوء، فخص السواك وسنن الوضوء ؛ لبيان ما يتعلق بالطهارة للصلاة من آداب، وما يراعي في التطهر للصلاة من السنن، وابتدأ ذلك بأهمها وهي سنن السواك، فذِكره للسواك ابتداء ؛ لأنه أهم السنن المتعلقة بالتطهر والوضوء، ولأنه أيضًا مقدم فيما يتصل بأعمال الوضوء ؛ لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: «لَوْلَا أنْ أشُقَّ علَى أُمَّتي أوْ علَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بالسِّوَاكِ مع كُلِّ وضوء» رواه أحمد في مسنده (7412)  والمعية تقتضي المصاحبة والمقارنة، وتكون في أوله، وللعلماء في ذلك عدة أقوال أبعدها فيما يتعلق بسنية الوضوء في موضعه أن يكون مع المضمضة، كما ذكر المؤلف فيما سنستقبل إن شاء الله تعالى.

المقصود أنه بدأ بالسواك قبل غيره ؛ لكونه قد جاء فيه من النصوص ما لم يأتي في غيره، ولكونه أيضًا يكون في أول الطهارة.

ابتدأ المؤلف بتعريف السواك فقال –رحمه الله-: (باب السواك وسنن الوضوء وما ألحق بذلك من الإدهان والاكتحال والاختتان والاستحداد ونحوها) يعني من سنن الفطرة.

(السواك والمسواك: اسم للعود ، ويطلق السواك على الفعل: أي دلك الفم بالعود لإزالة نحو تغير، كالتسوك) هذا بيان معنى السواك الدلائل والإشارات (1/45)

قال ـ رحمه الله ـ: (اسم للعود..... ويطلق على الفعل)، فهو اسم للآلة المستعملة في هذا الفعل، (ويطلق على الفعل) ولذلك بين أنه بمعنى المسواك الذي هو (اسم للعود الذي يستاك به) وأصل هذه المادة سوك مأخوذ من التمايل وهذا المعنى اللغوي له مناسبة في الفعل حيث إن الذي يستعمل السواك في تطهير فمه يميل السواك يمنة ويسرة، فهذا التمايل هو أصل هذه المادة المبدع في شرح المقنع (1/77)، وكشاف القناع (1/71)

وقوله –رحمه الله-: (يطلق السواك على الفعل أي دلك الفم بالعود لإزالة نحو تغير) هذا بيان لمعنى السواك فعلا، وأنه دلك والمقصود به تطييب الفم ؛ لقوله: (لإزالة نحو تغير) أي: ما يمكن أن يطرأ على الفم من تغير لإقناع في فقه الإمام أحمد (1/91)، وكشف المخدرات (1/54)

وقوله –رحمه الله-: (دلك الفم) يشمل كل ما في الفم من أسنان ولثة ولسان، وكل ذلك مما يشرع فيه التسوك كما سيأتي.

قال –رحمه الله-: (كالتسوك) أي: يطلق السواك على الفم (كالتسوك) أي بمعنى التسوك يقول: ((التسوك بعود لين) سواء كان رطبًا أي يابسًا مندى من أراك أو زيتون أو عرجون أو غيرهم (منق) للفم (غير مضر) احتراز من الرمان والآس، وكل ما له رائحة طيبة، (لا يتفتت) ولا يجرح، ويكره بعود يجرح أو يضر أو يتفتت و(لا) يصيب السنة من استاك بغير عود (بأصبعه وخرقة) ونحوها، لأن الشرع لم يرد به، ولا يحصل به الإنقاء كالعود، (مسنون كل وقت) خبر قوله: (التسوك) أي يسن كل وقت)  أي: يسن التسوك بعود لين ينقي غير مضر لا يتفتت، لا بأصبع وخرقة مسنون كل وقت.

ودليل السنية ذكره المؤلف –رحمه الله-في قوله: (لحديث «السِّواكُ مطهرةٌ للفمِ مرضاةٌ للرَّبِّ» أخرجه أحمد (7)، أخرجه النسائي (5 )، وأبو يعلى (4569 )، وابن خزيمة (135 )  رواه الشافعي وأحمد، وغيرهما) وهذا بيان فضيلة السواك على وجه العموم، وأن هذه الفضيلة تتعلق بهذا الفعل على وجه العموم أي: دون تقييد ذلك بكونه للصلاة أو لغيرها.

والدليل هنا لأصل الحكم لا لما ذكره من تفاريع وتفاصيل، فإن الحديث لم يتطرق إلى صفة ما يستاك به، فقوله: (بعود لين منق مضر لا يتفتت) هذا لا يدل عليه الحديث بالنص، لكن يفهم منه بالمعنى إذ إن هذه الأوصاف المذكورة في قوله: (بعود لين منق غير مضر ...إلى آخر ما ذكر) هو الذي يتحقق به تطهير الفم.

فلو قيل: ما وجه الدلالة في هذا الحديث على ما ذكر من صفات؟

وجه الدلالة على ما ذكر من صفات: هو أن هذه الصفات يتحقق بها ما ذكر النبي –صلى الله عليه وسلم-من علة السواك أو فائدته وهي تطهير الفم.

وقوله –رحمه الله-: (مسنون كل وقت) خبر قوله: (التسوك)، أي: يسن كل وقت دليله في الحديث الإطلاق، فإنه لم يقيده بوقت وجعله غير مقيد بزمان أو بحال أو بمكان قال: (لحديث: «السِّواكُ مطهرةٌ للفمِ مرضاةٌ للرَّبِّ» أخرجه أحمد (7)، أخرجه النسائي (5 )، وأبو يعلى (4569 )، وابن خزيمة (135 )  رواه الشافعي، وأحمد وغيرهما رواه الشافعي في الأم (1/ 39)، وأحمد (24203)) دون تقييد ذلك بمكان أو بزمان أو بحال، فشمل كل الأوقات وكل المواضع وكل الأحوال إلا ما استثني.

ثم قال –رحمه الله-: (لغير صائم بعد الزوال) فيكره، فرضاً كان الصوم أو نفلاً، وقبل الزوال: يستحب له بيابس، ويباح برطب).

فقوله: (لغير صائم) أي يستثنى من سنية السواك كل وقت ما بعد الزوال للصائم، فإنه لا يسن بل يكره، ولذلك قال: (فيكره) وانتفاء السنية لا يلزم منه الكراهة، لكن الكراهة هنا استفيدت من قوله –صلى الله عليه وسلم-الذي استدل به المؤلف في قوله: «إذا صمتم فاستاكوا بالغداة، ولا تستاكوا بالعشي» رواه البيهقي (8336)، ورواه الدارقطني (2372)، من طريق كيسان القصاب، عن يزيد بن بلال، عن علي موقوفا، قال يحيى بن معين: (كيسان ضعيف)، قال فيه الدارقطني: (ليس بالقوي)، قال الذهبي في الحديث: (ما أراه إلا باطلا)، وضعفه ابن الملقن وابن حجر ينظر: تنقيح التحقيق للذهبي ص 379، البدر المنير (5/ 707)، التلخيص(1/ 229) أخرجه البيهقي عن علي رضي الله عنه).

إذًا قوله: (لغير الصائم بعد الزوال) بيان أنه يستثنى هذا الوقت من السنية وما حكمه؟ الكراهة والدليل ما ذكره المصنف في قوله لحديث: «إذا صُمتُم فاستاكوا بالغَداةِ، ولا تستاكوا بالعَشِيِّ» وهذا الحديث ضعفه الحافظ بن حجر –رحمه الله-في التلخيص التلخيص الحبير (1/ 229) ، وإذا كان كذلك فإنه لا يثبت به حكم الكراهة، ويعود الحكم إلى الأصل، وهو أنه مسنون كل وقت لأن دليل الكراهة لم يثبت، أما ما يتعلق بما يعزز هذا القول، وهو عدم الكراهة في السواك للصائم ما جاء في صحيح الإمام البخاري من أنه قال: «رأَيْتُ النَّبيَّ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ـ يَستاكُ وهو صائمٌ ما لا أُحْصِي» أخرجه أبو داود (2364)، والترمذي (725)، وأحمد (15678) فهذا يدل على أن السواك للصائم مشروع كل وقت قبل الزوال وبعده ؛ لأن النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-لم يكن يتوقاه بعد الزوال، فدل ذلك على استحبابه، فهذا القول الذي دل عليه هذا الحديث ذهب إليه جماعة من أصحاب النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-وهو رواية في مذهب الإمام أحمد الفروع لابن مفلح (1/145)، وكشاف القناع (1/72)، حاشية ابن عابدين (2/ 175)

وأما ما ذكره المصنف فهو قول الشافعي وجماعة من التابعين المجموع للإمام النووي (1/275)، والكافي في فقه الإمام أحمد (1/53)، والمغني (1/72) ، والراجح من هذين القولين القول بعدم كراهيته قبل الزوال وبعده ؛ لعموم الأدلة الدالة على استحباب السواك كل وقت، ولخصوص ما جاء في حديث عامر بن ربيعة ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال: «رأيتُ النبيَّ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ـ مالا أُحصي يتسوَّكُ وهو صائمٌ» أخرجه أبو داود (2364)، والترمذي (725)، وأحمد (15678) فهو دال على مشروع السواك للصائم ولم يقيد ذلك بأول النهار ولا بآخره.

وأما الذين قالوا بالكراهية استدلوا بما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ» رواه البخاري (1894)، ومسلم (1151).

وهذا ما اعترض به على معاذ بن جبل ـ رضي الله تعالى عنه ـ لما أفتى بمشروعية السواك للصائم قيل له: إن النبي –صلى الله عليه وسلم-يقول: «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ» .

فقال ـ رضي الله تعالى عنه ـ: "سبحان الله ! لقد أمرهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم-بالسواك حين أمرهم وهو يعلم أنه لا بد أن يكون بفم الصائم خلوف وإن استاك، وما كان بالذي يأمرهم أن ينتنوا أفواههم عمدًا، فما في ذلك من الخبر شيء، بل فيه شر إلا من ابتلي ببلاء لا يجد منه بدًا" أخرجه الطبراني (20/71). قال الحافظ في التلخيص ص (113): إسناده جيد

والمقصود أن معاذ ـ رضي الله تعالى عنه ـ لم يرى في معارضة هذا الحديث دليلاً على الكراهية لأن الجهة منفكة، فالخلوف لا علاقة له بالفم، إنما هو شيء يكون من الجوف يحصل لبعض الناس.

 

  

وقوله –رحمه الله-: (متأكد) خبر ثان لـ (التسوك)أي لقوله: (التسوك بعود .... إلى آخره متأكد) المغني لابن قدامة (1/71) أي أنه تتأكد سنيته في مواضع أول ذلك قال: (عند صلاةفرضاً كانت أو نفلاً) أي يتأكد السواك عند الصلاة والمقصود عند الصلاة بين يدي الصلاة عند حضورها وكلما كان أقرب للصلاة كان أحق في حصول العندية، والدليل على ذلك ما جاء في الصحيح من قول النبي –صلى الله عليه وسلم-في حديث أبي هريرة «لولا أن أشقّ على أمّتِي لأمرتُهم بالسواكِ عند كلّ صلاةٍ» رواه البخاري (887)، ومسلم (252) يشمل عند الصلاة فعلاً وكذلك عند الصلاة تهيؤاً وهو ما يكون عند الوضوء، ولذلك سيأتي ذكره في كلام الشارح رحمه الله.

قال: (و) عند (انتباه) من نوم ليل أو نهار) المغني (1/71)، وكشاف القناع (1/435)، والشرح الكبير (1/101) لأنه مظنة تغير الرائحة، وقد كان النبي –صلى الله عليه وسلم-كما في حديث حذيفة «يشوص فاه بالسواك» رواه البخاري (245) واللفظ له، ومسلم (255).

(و) عند (تغير) رائحة (فم) هذا الموضع الثالث من مواضع التأكد، الموضع الأول من مواضع التأكد: الاستحباب عند الصلاة، والموضع الثاني: عند انتباه من نوم ليل أو نهار، والثالث: عند تغير رائحة فم شرح منتهى الإرادات (1/43)، والمغني لابن قدامة (1/71)

قال: (بمأكول أو غيره) يعني بأي سبب كان إذا خرجت رائحة الفم عن الحال المعتادة والمقصود التغير المكروه وليس مجرد التغير بأي رائحة، فإذا كانت رائحة طيبة أو مشرب أو ما أشبه ذلك، فإنها لا تدخل فيما ذكر.

قال: (وعند وضوء) وكان أولى أن يقدم هذا ؛ لأن ذلك هو المقصود في هذا الموضع من إيراد ما يتعلق بالسواك، والدليل على ذلك ما في حديث أبي هريرة ـ رضي الله تعالى عنه ـ «لولا أن أَشقَّ على أمَّتي لأمرتُهُم بالسِّواكِ معَ كلِّ وضوءٍ» رواه البخاري مُعلَّقًا قبل حديث (1934)، ورواه موصولًا أحمد (10707)، ومالك في الموطأ (1/66) وإنما لم يذكر المؤلف –رحمه الله-السواك عند الوضوء ؛ لأنه سيأتي ذكره في سنن الوضوء على وجه الخصوص، إنما هنا يتكلم عن السواك إجمالًا.

قال –رحمه الله-: سيأتي ذكره في قول المؤلف –رحمه الله-في هذا الباب ومن سنن الوضوء السواك.

قال –رحمه الله-: (وقراءة، زاد الزركشي والمصنف في الإقناع: ودخول منزل، ومسجد، وإطالة سكوت، وخلو المعدة من الطعام، واصفرار الأسنان).هذه مواضع كلها يتأكد فيها استعمال السواك، أما عند قراءة القرآن، فلأن القرآن يجري على اللسان تلاوة، فشرع تطييب الموضع الذي يقرأ فيه كلام الله عز وجل كشاف القناع عن متن الإقناع (1/73)، والمغني لابن قدامة (1/71).

وأما ما يتعلق بالموضع الآخر، وهو دخول المسجد ليس له دليل خاص، إنما هو تعليل على وجه العموم ؛ حيث إن المسجد من المواطن التي يطلب فيها التطيب والتنزه عن المكروه، فكان ذلك من المواطن التي يتأكد فيها السواك.

وقال بعضهم: إن دليل مشروعية السواك عند دخول المسجد الإنصاف (1/94)، والإقناع (1/20، 334) أنه ثبت عن النبي –صلى الله عليه وسلم-السواك عند دخول المنزل، والمسجد من باب أولى، فذكروا ذلك على وجه القياس، والذي يظهر ـ والله تعالى أعلم ـ أنه يمكن أن يستدل لذلك بقوله ـ تعالى ـ: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾[الأعراف: 31] والزينة تكون في البدن وفي اللباس ومن ذلك طيب رائحة الفم، ويمكن أن يستدل له أيضًا بأن النبي –صلى الله عليه وسلم-أمر من كان له رائحة قبيحة في فم من طعام أن يجتنب المصلى، فقال –صلى الله عليه وسلم-: «من أكل من هاتَيْن الشَّجرتَيْن الخبيثتَيْن فلا يقربنَّ مصلانا» البخاري (853)، ومسلم (561)، وسنن أبي داود (3827) الثوم والبصل والكرات ونحوها من الأطعمة التي تترك رائحة كريهة، فطلب التخلي من الرائحة المكروهة يدل على أخذ السبب الذي يتوقى به ما يكون من خبث رائحة الفم.

وقوله: (منزل) دليله ما في الصحيحين من حديث عائشة أنها سئلت بأي شيء كان يبدأ رسول الله –صلى الله عليه وسلم-إذا دخل بيته فقالت: «كان يبدأ بالسواك» رواه مسلم (253).

قال: (وإطالة سكوت وخلو معدة من الطعام واصفرار الأسنان) غاية المنتهى (1/64), وكشف المخدرات (1/55) ، هذا كله لا دليل عليه بالنص إنما هو من جهة المعنى أن ذلك موجب لتغير رائحة الفم التي تكون خلاف طهارته وطيبه، فيستحب السواك في هذه المواضع لتحقيق مقصود السواك من تطهير الفم، كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-فيما رواه أحمد وغيره  «السِّواكُ مطهرةٌ للفمِ مرضاةٌ للرَّبِّ» أخرجه أحمد (7)، أخرجه النسائي (5 )، وأبو يعلى (4569 )، وابن خزيمة (135) بعد أن فرغ من ذكر حكم السواك ومواطن تأكده انتقل إلى صفة السواك المشروعة.

  

فقال –رحمه الله-: ((ويستاك عرضًا) استحبابًا بالنسبة للأسنان بيده اليسرى على أسنانه ولثته ولسانه ويغسل السواك)  هذا بيان صفة السواك، فيستحب أن يستاك عرضاً وليس ثمة دليل لهذا الاستحباب من فعل النبي –صلى الله عليه وسلم-ينقل عنه، وإنما قالوا لأن هذا مما يتحقق به المقصود بالسواك من تطهير الفم على وجه أكمل، فاستحب لأجل هذا فدلالته دلالة مستفاد من المعنى والغاية التي قصد منها السواك لا من دليل خاص، يعني من دليل كلي لا من دليل جزئي.

وقوله: (عرضاً) يعني بالنسبة للأسنان لا طولاً، ولم يذكر المؤلف هنا بأيهما يبدأ بالجهة الأعلى أو بالأسفل إنما سيأتي ذكر بداءته بالجانب الأيمن سواء كان للأسنان العليا أو للأسنان السفلى.

وقوله: (بيده اليسرى على أسنانه) لأن هذا من باب إزالة المستقبحات والمكروهات، واليمنى إنما تكون في مواطن التطيب والكريمات من الأفعال، وهذا من المواطن التي اختلف فيها الفقهاء ـ رحمهم الله ـ على أقوال:

فمنهم من قال: يستاك بيده اليسرى وهو المذهب+ شرح منتهى الإرادات (1/41)، والروض المربع (1/108)

وقيل: بل يستاك بيده اليمنى الفروع لابن مفلح (1/148)، والإنصاف للمرداوي (1/128) ؛ لأنه النبي –صلى الله عليه وسلم-«كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره»+ رواه البخاري (168)، ومسلم (268) وهذا من طهوره؟

وقيل: بالتفصيل بين من كان سواكه لطلب إزالة مكروه من رائحة مكروهة، وبين من كان سواكه لتحصيل السنة بالسواك لا لإزالة مكروه، فإذا كان لإزالة مكروه باليد اليسرى، وإذا كان لمعنى محمود من طلب إكرام وتشريف، فيكون باليمنى والأمر في هذا قريب فيما يظهر والله تعالى أعلم.

قوله: (ويغسل السواك) أي يستحب له غسل السواك ؛ لأن به يحصل التطهير والتطييب على وجه أكمل.

قال: (ولا بأس أن يستاك به اثنان فأكثر)، أي لا حرج في أن يستعمل السواك أكثر من شخص، ودليل ذلك قصة عائشة ـ رضي الله تعالى عنها ـ في تطييبها سواك النبي –صلى الله عليه وسلم-وهو يحتضر ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فإنه لما دخل أخوها عبد الرحمن "جعل النبي –صلى الله عليه وسلم-ينظر إلى السواك الذي مع عبد الرحمن فأخذته عائشة ـ رضي الله تعالى عنها ـ فقضمته وطيبته ثم دفعته إلى النبي –صلى الله عليه وسلم-فاستاك به" رواه البخاري (4451) ، ومسلم (2443) رواه البخاري (4451) ، ومسلم (2443) فدل ذلك على جواز أن يكون السواك مستعملًا من أكثر من شخص.

قال: (قال في الرعاية) وهذا من كتب الأصحاب وهو لابن حمدان وأطلق هنا الرعاية والحقيقة لعله موجود في الرعاية لأن ابن حمدان له رعاية كبرى ورعاية صغرى، فالإطلاق لهذا تكرار في الموضعين.

(قال في الرعاية: ويقول إذا استاك: اللهم طهر قلبي ومحص ذنوبي. قال بعض الشافعية المجموع للإمام النووي (1/283): وينوي به الإتيان بالسنة) كشاف القناع عن متن الإقناع (1/74) وهذه من المواطن النادرة التي يحكى فيها خلاف المذهب في كتاب الروض ؛ لأن كتاب الروض شرح لمتن في مذهب الإمام أحمد يعتني بأقوال المذهب وتحريرها، فهذا من المواطن ولعلها تسجل المواطن التي يذكر فيها المذاهب الأخرى في كلام الشارح –رحمه الله-هذا منها، وإنما أشار إلى ذلك ؛ لأنه لم يقف على شيء من ذلك في كلام الأصحاب.

يقول: (ويقول: إذا استاك اللهم طهر قلبي ومحص ذنوبي) المبدع في شرح المقنع (1/82)، وكشاف القناع عن متن الإقناع (1/74) لم يقل يستحب، ولكن فيما يظهر أن هذا على وجه الندب، وإذا كان كذلك فلا بد من دليل، ومعلوم أن العبادات مبناها على التوقيف ولا دليل على هذا فيكون هذا من جملة المحدثات تخصيص هذا الدعاء عند السواك من المحدثات، فالنبي استاك مرات عديدة وكثيرة ومناسبات مختلفة ولم ينقل عنه أحد من أصحابه أنه قال شيئاً من الدعاء عند سواكه –صلى الله عليه وسلم-وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

(قال بعض الشافعية المجموع للإمام النووي (1/283)، والتعليقة للقاضي حسين (1/240): وينوي به الإتيان بالسنة)، هذا من التعمق الذي عند بعض متأخري الفقهاء ـ رحمهم الله ـ في المذاهب على وجه العموم، فإن هذا لا يحتاج إلى نية، بمعنى لا يحتاج إلى أن يستحضر نية لذلك، فإن السواك سنة فإذا فعله الإنسان طلباً لهدي النبي –صلى الله عليه وسلم-وموافقة لهديه لم يكن بحاجة إلى أن ينوي هو من الأمور التي لا يحتاج فيها الإنسان إلى استحضار النية الخاصة يتنبه لا يحتاج إلى نية خاصة في السواك على وجه الإجمال، لكن يحتاجها عند المواطن التي ورد فيها الأمر بالسواك، فالسواك على وجه العموم سنة كما تقدم في قوله مسنون كل وقت، لكن في المواطن التي يتأكد فيها السواك، كالسواك عند الوضوء، والسواك عند الصلاة، فهذه من المواطن التي يتحرى فيها الإنسان موافقة السنة أي أنه يفعل ذلك موافقة لهدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

قال –رحمه الله-: ((مبتدئا بجانب فمه الأيمن)، فتسن البداءة بالأيمن في سواك وطهور وشأنه كله غير ما يستقذر) الإنصاف للمرداوي (1/128)، الإقناع في فقه الإمام أحمد (1/19) ، ولم يذكر –رحمه الله-تقيدًا لذلك بكونه يبدأ من ثناياه ثم يذهب إلى أضراسه ثم يعود كما يذكر ذلك بعض الفقهاء، إنما أطلق بجانب فم الأيمن فلا فرق في ذلك بين أن يبدأ من أضراسه ويأتي على جهة اليسار أو أن يبدأ من ثناياه ثم يذهب بها إلى أضراسه ومرجع كل هذا الأمر في ذلك واسع، فإن ذلك كله لم يرد فيه عن النبي –صلى الله عليه وسلم-شيء خاص، وإنما هو استدلال بالعمومات.

وقوله: (وطهور وشأنه كله غير مستقذر) هذا استطراد في بيان استحباب البداءة باليمين في كل هذه المواضع ؛ لحديث عائشة ـ رضي الله تعالى عنها ـ أن النبي –صلى الله عليه وسلم-"كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله" رواه البخاري (168)، ومسلم (268).

ثم بعد ذلك ذكر المؤلف –رحمه الله-ما يتعلق بالآداب والسنن التي هي من سنن الفطرة يعني قبل أن يمضي فيما يتعلق بسنن الوضوء عطف على ذكر سنة السواك الآداب المتصلة بالفطرة، فقال –رحمه الله-: (ويدهن غباً)   

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق