الطهارة من الروض المربع

من وحتى
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 66

التاريخ : 2025-10-19 10:52:05


ختم المؤلف –رحمه الله-باب فروض الوضوء وصفته بذكر صفة الوضوء الكامل، وذلك بعد ذكره فروض الوضوء وما يتعلق به من المسنونات.

قال –رحمه الله-: ((وصفة الوضوء) الكامل، أي: كيفيته) المقنع في فقه الإمام أحمد ص (28)، والشرح الكبير (1/322) وفهم من هذا أن الوضوء نوعان من جهة الكمال:

النوع الأول: وضوء يحصل به الإجزاء، وهو ما حقق الواجبات والمفروضات في الوضوء.

والنوع الثاني: الوضوء الكامل أي الوضوء الذي بلغ الغاية في تحقيق المطلوب فرضًا واستحبابًا، فالوضوء الكامل هو ما جمع الفروض والمستحبات.

قال –رحمه الله-: (أن ينوي، ثم يسمي) وتقدما) الممتع في شرح المقنع (1/147)، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/322) هذا ذكر شيئين مما يندرج فيه صفة الوضوء الكامل:

الأول: ما ذكره مما يتعلق بصفة الوضوء الكامل (أن ينوي)، وقد تقدم بيان ما يتعلق بالنية ومسائلها وهي من شروط صحة الوضوء

الثاني: (ثم يسمي) ما ذكره المصنف –رحمه الله-مما يتعلق بصفة الوضوء الكامل التسمية، وهي قول: (بسم الله) وهي على المذهب واجبة كشاف القناع عن متن الإقناع (1/91)، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/274) تسقط بالنسيان، وهي في هذا الموضع مستحبة الإنصاف (1/100)، والمغني لابن قدامة (1/76) ؛ لأنها تستحب كما تقدم عند أول مستحبات الوضوء وتجب عند أول واجباته.

قال –رحمه الله-: ((ويغسل كفيه ثلاثا)) الهداية على مذهب الإمام أحمد ص (53)، ومنهى الإرادات (1/50) هذا ثالث ما ذكره المؤلف –رحمه الله-مما يتعلق بصفة الوضوء الكامل وهي غسل كفيه ثلاثًا أي ثلاث مرات.

قال –رحمه الله-: (تنظيفًا لهما فيكرر غسلهما عند الاستيقاظ من النوم في أوله) أي في أول الوضوء، وغسل الكفين له حالان:

الأول: إما أن يكون من قائم من نوم ليل، فهذا يجب غسل كفيه ثلاث قبل أن يدخلهما في الإناء على المذهب المغني (1/73)، و الهداية على مذهب الإمام أحمد ص (53).

والحال الثانية: أن يكون من غير قائم من نوم ليل، فغسل كفيه في أول الوضوء مستحب المغني (1/73)، والممتع في شرح المقنع (1/138).

قوله ـ رحمه الله ـ:( (ثم يتمضمض ويستنشق) ثلاثاً ثلاثاً، بيمينه، ومن غرفة أفضل، ويستنثر بيساره).

 (ثم يتمضمض) هذا رابع ما ذكره المؤلف –رحمه الله-مما يتعلق بصفة الوضوء الكامل أن يتمضمض قد تقدم أن المضمضة هي إدارة الماء في الفم الكافي في فقه الإمام أحمد (1/59)، والشرح الكبير (1/322).

وقوله: (ثلاثًا) أي يكرر ذلك ثلاث (ويستنشق) هذا خامس ما ذكره المصنف –رحمه الله-في صفة الوضوء الكامل، وهو الاستنشاق وهو جذب الماء بالأنف الشرح الكبير (1/322)، والممتع في شرح المقنع (1/147).

وقوله: (ثلاثاً) أي أن يكرر ذلك ثلاثاً، والمضمضة والاستنشاق على المذهب تقدم بيان حكمهما وأنهما واجبان من واجبات الوضوء الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/152)، وكشاف القناع (1/96).

وقوله: (بيمينه) أي أن يتمضمض ويستنشق بيمينه أي مستعمل يمينه في ماء المضمضة والاستنشاق ينظر المغني (1/89)، وكشاف القناع (1/93).

وقوله: (ومن غرفة أفضل) أي أن حصول المضمضة والاستنشاق ثلاثاً ثلاثاً من غرفة واحدة أفضل ؛ لثبوت ذلك عن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ في صفة وضوئه أخرجه البخاري (191).

قال –رحمه الله-: (ويستنثر بيساره) لما ذكر الاستنشاق وهو جذب الماء إلى داخل الأنف ذكر إخراجه وهو الاستنثار فقال: (ويستنثر) أي يدفع الماء الذي جذبه بأنفه في الاستنشاق بيساره أي مستعمل يساره في ذلك الإقناع في فقه الإمام أحمد (1/26)، وكشاف القناع (1/105).

ثم قال: (ويغسل وجهه) الشرح الكبير (1/329)، والوجيز في الفقه على مذهب الإمام أحمد ص (53) هذا سادس ما ذكره المؤلف –رحمه الله-في صفة الوضوء الكامل أن يغسل وجهه (ثلاثاً)، وهذا فرض من فروض الوضوء كما تقدم، (وحده) أي حد الوجه (من منابت شعر الرأس) المعتاد غالباً) أي من مواضع نبات شعر الرأس المعتاد سواء كان ذا شعر أو كان غير ذا شعر، فمن كان له شعر فمن منابت الشعر المعتاد، وإن كان غير ذا شعر فلو قدر أن له شعر يكون من منابت شعر رأسه المعتاد.

قال: إلى (ما انحدر من اللحيين والذقن طولاً) مع ما استرسل من اللحيين) أي أن الوجه الذي يشرع غسله في الوضوء الكامل ما ذكره –رحمه الله-من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن طولًا الكافي في فقه الإمام أحمد (1/61)، والمغني (1/85).

وقوله: (مع ما استرسل من اللحيين)، اللحيان هما العظمان اللذان في أسفل الوجه، وهما منه والحديث الآن عن اللحيين لا عن اللحية.

قال: (ومن الأذن إلى الأذن عرضاً) لأن ذلك تحصل به المواجهة والأذنان ليسا من الوجه) أي أن الوجه حده من جهة العرض من الأذن إلى الأذن، ثم لما ذكر أنه من الأذن إلى الأذن قال: (والأذنان ليسا من الوجه) وذلك أن الأذنين تابعان للرأس ؛ لما جاء في قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "والأذنان من الرأس" أخرجه أبو داود (134)، والترمذي (37)، وابن ماجه (444)، وأحمد (22277) ، ولما جاء في حديث عبد الله بن عمرو أنه قال في صفة وضوء النبي –صلى الله عليه وسلم-: "ثم مسح برأسه وأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه" أخرجه النسائي (140)، وابن ماجه (422)، وأحمد (6684) ، فدل ذلك على أن الأذنين تمسحان، وهذا محل إجماع فتكونان ملحقتان بالرأس؛ لأن المسح فرض الرأس، وإنما نص على أن الأذنين ليسا من الوجه ؛ لأن من أهل العلم ـ وهو مذهب الشافعية ـ من قال: إن أنهما ليسا من الرأس ولا من الوجه، بل هما سنة على حيالهما فيمسحان بماء جديد المجموع للنووي (1/413)، والحاوي الكبير للماوردي (1/121).

قال: (بل البياض الذي بين العذار والأذن منه) قوله: (بل) استدراك للتوضيح.

وقوله –رحمه الله-: (بل البياض بين العذار والأذن)، العذار عند أهل اللغة: هو الشعر النابت المحاذي للأذنين بين الصدغ والعارض المصباح المنير (2/398)، والمجموع للنووي (1/377) ، وهو أول ما ينبت للأمراد من الشعر غالبًا، فجعل المؤلف –رحمه الله-العذار وهو البياض الذي يكون بين منابت الشعر التي أمام الأذن، والأذن من الوجه أي تابعة في الوجه الذي يغسل كشاف القناع (1/95)، والمغني لابن قدامة (1/86).

قال –رحمه الله-: ((و) يغسل (ما فيه)، أي: في الوجه (من شعر خفيف) يصف البشرة؛ كعذار، وعارض ، وأهداب عين، وشارب، وعنفقة؛ لأنها من الوجه) الإنصاف (1/104)، والمغني لابن قدامة (1/78) .

قال: (لا صدغ) وهو الشعر النابت على جانبتي الرأس (وتحذيف: وهو الشعر بعد انتهاء العذار والنزعتين ولا النزعتان وهو ما انحسر عن الشعر من الرأس متصاعد من جانبيه فهي من الرأس الفروع وتصحيح الفروع (1/180)، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/154) ، ولا يغسل داخل عينيه ولو من النجاسة) هذا هو الصحيح من المذهب المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد (1/11)، والفروع وتصحيح الفروع (1/177) ، وفي رواية: أنه يجب غسل داخل العينين من النجاسة إن أمن الضرر شرح الزركشي على مختصر الخرقي (1/178)، والمبدع في شرح المقنع (1/91).

ولقائل أن يقول: كيف هذا؟ يعني لو قطر في عينه بمحلول نجس، فهذا يأتي على الصورة التي ذكروا.

قالوا: (ولا يغسل داخل عينيه ولو من نجاسة ولو أمن الضرر).

قوله –رحمه الله-: (و) يغسل الشعر (الظاهر) من (الكثيف، مع ما استرسل منه) أي يغسل ما على وجهه من الشعر الظاهر الكثيف مع ما استرسل منه، أما ظاهر الشعر فهو ما بدأ منه، والكثيف ضابطه ما ستر البشرة الإنصاف (1/119)، والمبدع في شرح المقنع (1/102).

وأما قوله: (مع ما استرسل) فالمسترسل هو ما زاد عن حد الوجه من اللحية.

وقوله –رحمه الله-: ((و) يغسل الشعر (الظاهر) من (الكثيف، مع ما استرسل منه)) وغسل ما استرسل من الشعر فيه روايتان:

الأولى: وجوب غسله، سواء كان في الظاهر من الكثيف، أوفيما استرسل المغني لابن قدامة (1/87)، والشرح الكبير على المقنع (1/333).

الثانية: أنه لا يجب غسل ما استرسل، وهو رواية عن أحمد الشرح الكبير (1/335)، والممتع في شرح المقنع (1/149) ، واختار هذه الرواية ابن رجب كما ذكر في "الإنصاف" الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/336) ؛ لأن ما استرسل من شعر اللحية ليس وجهًا ولو حصلت به المواجهة لكنه ليس وجهًا، وهذا القول أقرب إلى الصواب والله تعالى أعلم.

قال –رحمه الله-:((ثم) يغسل (يديه مع المرفقين) وأظفاره ثلاثاً، ولا يضر وسخ يسير تحت ظفر ونحوه، ويغسل ما نبت بمحل الفرض من إصبع أو يد زائدة) الكافي في فقه الإمام أحمد (1/63)، والشرح الكبير (1/339).

قوله ـ رحمه الله ـ:(ثم يغسل يديه مع المرفقين) هذا تاسع ما ذكره في صفة الوضوء الكامل.

قال: (وأظفاره ثلاثًا) قوله: (وأظفاره) أي أن الأظفار داخلتان في مسمى اليد والنص عليهما للتنبيه.

وقوله: (مع المرفقين) بيان لدخول المرفقين في حد اليد التي يجب غسلها في الوضوء، وقد تقدم هذا في ذكر غسل اليدين في قوله: والثاني: غسل اليدين مع المرفقين.

قوله –رحمه الله-: (ولا يضر وسخ تحت ظفر ونحوه) المبدع في شرح المقنع (1/103)، والإقناع في فقه الإمام أحمد (1/27) وقيل: يضر واختاره ابن عقيل الشرح الكبير على المقنع (1/342) ، واختار الشيخ الأول، وهو الصحيح من المذهب. والمقصود بالشيخ ابن قدامه الشرح الكبير على المقنع (1/342)، والمغني لابن قدامة (1/92)–رحمه الله- وقيل: يصح الوضوء ولا يضر وسخ ولا يضر ما يشق التحرز منه، فكل ما شق التحرز منه، فإنه لا يضر وجوده على أعضاء الطهارة، ومثلوا له بأرباب الصنائع والأعمال الشاقة من الزرعة وغيرها، وألحق الشيخ –رحمه الله-شيخ الإسلام كل يسير منع حيث كان من البدن في اليد أو في غيره كدم وعجين ونحوه ينظر المبدع في شرح المقنع (1/90، 91)، وكشاف القناع (1/97).

ومما يسأل عنه كثيرًا هنا إذا كان على يده دهن مائع، هل يؤثر ذلك على الطهارة؟

الجواب: لا، وقد نص على ذلك غير واحد من أهل العلم.

قال –رحمه الله-: (ويغسل ما نبت بمحل الفرض من إصبع أو يد زائدة) أي أنه إذا كان في عضو الطهارة ـ محل الفرض ـ زائد من إصبع أو يد، فإنه يجب غسله المغني (1/91)، والمبدع في شرح المقنع (1/103) ، فإن كانت في غير محل الفرض كإصبع في العضد مثلا أو في المنكب لم يجب غسلها على الصحيح من المذهب المغني (1/91)، وشرح الزركشي على مختصر الخرقي (1/189) ؛ لأنها في غير الموضع الذي يجب غسله ؛ ولذلك قيد هنا قال: (ويغسل ما نبت بمحل الفرض) فخرج به ما نبت في غير محل الفرض.

((ثم يمسح كل رأسه) بالماء) أي من صفة هذا العاشر من صفة الوضوء الكامل أن يمسح كل رأسه بالماء، والمذهب وجوب الاستيعاب الإنصاف (1/161)، والمغني لابن قدامة (1/93) كما هو مذهب مالك مواهب الجليل (1/359)، والذخيرة للقرافي (1/259)–رحمه الله-ولا خلاف بين أهل العلم في أن استيعاب جميع الرأس بالمسح مشروع ؛ لكن لو اختلفوا في الوجوب هل يجب لاستيعاب جميع الرأس أم لا؟

قوله –رحمه الله-: (ثم يمسح) بيان أن الفرض في الرأس المسح، فلو غسله عوضاً عن مسحه أجزئ عن الصحيح من المذهب المغني لابن قدامة (1/96)، والشرح الكبير (1/355) لكنهم يشترطون لإجزاء الغسل مقام المسح أن يمر يده على رأسه في غسله حتى يتحقق المسح شرح الزركشي على مختصر الخرقي (1/193)، وشرح منتهى الإرادات (1/59).

قوله –رحمه الله-: (مع الأذنين مرة واحدة) أي يمسح الرأس مع الأذنين، فتدخل الأذنان في مسح الرأس، والمذهب أن مسح الأذنين واجب الفروع وتصحيح الفروع (1/181)، وكشاف القناع (1/100) ، وعن الإمام أحمد رواية أن مسح الأذنين لا يجب، بل هو سنة مستحبة شرح الزركشي على مختصر الخرقي (1/192)، والفروع وتصحيح الفروع (1/181).

ثم ذكر –رحمه الله-صفة المسح فقال: (فيمر يديه من مقدم رأسه إلى قفاه، ثم يردهما إلى الموضع الذي بدأ منه) كشاف القناع (1/99)، والمغني لابن قدامة (1/94) لحديث عبد الله بن زيد بن عاصم في صفة مسح رسول الله –صلى الله عليه وسلم-«رأسه ثم يردهما إلى الموضع الذي بدأ منه» أخرجه البخاري (185)، ومسلم (235) في قول أكثر أهل العلم ومنه الأئمة الأربعة حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (1/192)، والمجموع للنووي (1/402)، والمغني لابن قدامة (1/94)، وشرح النووي على مسلم (3/123).

(ثم يدخل سبابتيه في صماخي أذنيه ويمسح بإبهاميه ظاهرهما) وهذا صفة مسح الأذنين أن يدخل سبابتيه في صماخي أذنيه ولو أدخل غيرهما أجزئ كأن أدخل الخنصر أو البنصر أو الوسطى أو الإبهام، ويمسح بإبهاميه ظاهره شرح منتهى الإرادات (1/59)، والمغني لابن قدامة (1/97).

قال: (ويجزئ كيف مسح) يعني كيفما مسح أذنيه حصل المطلوب مطالب أولي النهى (1/119)، وشرح منتهى الإرادات (1/59).

قال: ((ثم يغسل رجليه) ثلاثا (مع الكعبين)) المغني لابن قدامة (1/98)، والشرح الكبير على المقنع (1/293) هذا الحادي عشر أو الثاني عشر مما ذكره المؤلف –رحمه الله-في صفة الوضوء الكامل وهو فرض.

وقوله: (أي العظمين الناتئين) بيان للكعبين (في أسفل الساق من جانبي القدم) هذا بيان للمراد بالكعبين فهما العظمان الناتئان في أسفل الساق من جانبي القدم، فيدخلان في الغسل شرح الزركشي على مختصر الخرقي (1/197)، والمغني (1/98).

فرغ المؤلف من ذكر ما يغسل في صفة الوضوء الكامل، ثم قال: (ويغسل الأقطع بقية المفروض)، الأقطع: هو من ذهب عضو من أعضائه، والمقصود بالأعضاء هنا أعضاء الطهارة سواء ذهبت بالكلية أو ذهب بعضها الوجيز في الفقه على مذهب الإمام أحمد (53)، والمبدع في شرح المقنع (1/108).

فقوله: (ويغسل الأقطع)، الأقطع له أحوال:

الحال الأولى: أن يذهب كل العضو المفروض في الطهارة، فلا شيء عليه، ويسقط في حقه الغسل.

والثانية: وإما أن يذهب بعضه، ففي هذه الحال إذا ذهب بعضه، قال فيه: (ويغسل الأقطع بقية المفروض) يعني ما بقي منه ؛ (لحديث «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ» أخرجه البخاري (7288) ، ومسلم (1337) ولقول الله ـ تعالى ـ: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾[التغابن: 16].

(فإن قطع من المفصل) هذا نوع من التفصيل فيما يبقى من العضو المفروض في الطهارة، فإن كان قد بقي شيء من أصل العضو المفروض فإنه يغسل، فإن لم يبقى إلا المفصل أي مفصل المرفق مثلا أو مفصل القدم في موضع الكعب.

قال –رحمه الله-: (فإن قطع من المفصل) أي: مفصل المرفق؛ (غسل رأس العضد منه)، وكذا الأقطع من مفصل كعب يغسل طرف ساق) المبدع في شرح المقنع (1/108)، والوجيز في الفقه على مذهب الإمام أحمد ص (53) ؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم-«لما غسل يديه أشرع في العضد ولما غسل قدميه أشرع في الساق» أخرجه البخاري (136)، ومسلم (246).

قال –رحمه الله-: (ثم يرفع بصره إلى السماء) الإقناع في فقه الإمام أحمد (1/32)، وشرح منتهى الإرادات (1/58) أي ومما يشرع في الوضوء الكامل أن يرفع بصره إلى السماء، ورفع البصر إلى السماء، فقد جاء في سنن أبي داود من حديث عقبة بن عامر ـ رضي الله تعالى عنه ـ فيما نقله عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله تعالى عنه ـ وفي إسناده مقال، وفيه قال فيما نقله عقبة عن عمر قال: «فأحسن الوضوء ثم رفع بصره إلى السماء» سنن أبي داود (170) لكن هذه الزيادة ضعيفة، ولذلك الصواب أن ذلك ليس مشروعًا في صفة الوضوء الكامل.

قوله: ((ثم يرفع بصره للسماء) بعد فراغه (ويقول ما ورد) أي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومنه: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله» أخرجه مسلم (234).

قال –رحمه الله-: (وتباح معونته) أي تباح معونة المتوضأ الشرح الكبير (1/368)، والممتع في شرح المقنع (1/154) ، والمعونة لها ثلاثة أحوال:

الأول: إما أن تكون المعونة لتحقيق الواجب في الوضوء كأن يكون الإنسان عاجزًا عن الطهارة إلا بمن يوضئه، فهذا يجب إعانته.

الثاني: أن يكون الإنسان غير عاجز، وهذه في الجملة لها صورتان:

الصورة الأولى: إعانة في التطهر والتهيؤ فهذه جائزة، وهذا ما ذهب إليه الحنابلة الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/368)، والشرح الكبير (1/145) والحنفية حاشية ابن عابدين (1/126) في قول والشافعية روضة الطالبين للنووي (1/62)، والحاوي الكبير للماوردي (1/134) في قول، واستدلوا للجواز بفعل النبي –صلى الله عليه وسلم-كما في الصحيح من حديث أنس قال: «كانَ رَسولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ـ يَدْخُلُ الخَلَاءَ، فأحْمِلُ أنَا وغُلَامٌ إدَاوَةً مِن مَاءٍ وعَنَزَةً، يَسْتَنْجِي بالمَاءِ» أخرجه البخاري (152)، ومسلم (271) فقالوا هنا استعانة فيما تحصل به الطهارة، وفي إعداد ما يتطهر به واستدلوا له أيضًا بحديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ حيث قال: «فأمرني أن آتنيه بثلاثة أحجار» أخرجه البخاري (156)  فالإعانة في إعداد وتهيئة ما يتطهر به مباحة،

الصورة الثانية: الإعانة في الوضوء نفسه بصب الماء، وهذه الصورة الفقهاء فيها على قولين:

القول الأول: أنها مباحة، وهو المذهب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/368)، والشرح الكبير (1/369).

والقول الثاني: أن ذلك مكروه الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/369)، والفروع وتصحيح الفروع (1/190) ؛ لأنها عبادة عللوا ذلك بأنها عبادة يستحب أن يباشرها بنفسه، وألا يستعين فيها بغيره.

وقوله: (وسن كونه عن يساره كإناء ضيق الرأس وإلا فعن يمينه) يعني فيما يتعلق بإعانة المتوضأ منتهى الإرادات (1/55)، ومطالب أولى النهى (1/123).

قال: ((و) يباح له (تنشيف أعضائه) من ماء الوضوء) وذكر الإباحة ؛ لأنها الأصل الكافي في فقه الإمام أحمد (1/70)، والمغني لابن قدامة (1/104) وذهب بعض أهل العلم إلى استحباب الترك ينظر المغني (1/104)، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/369) ، قالوا: ولا يكره التنشيف ؛ لأنه أثر طهارة فاستحب استبقائه ولا دليل في هذا.

قوله –رحمه الله-: (ومن وضأه غيره ونواه هو صح) أي الوضوء (إن لم يكن الموضئ) يعني من وضىء غيره (مكرهًا بغير حق) ؛ لأنه يكون كالمغصوب، فإن كان الفاعل مكرهًا نزل منزلة المغصوب فلا يصح الوضوء حينئذ المغني (1/85)، والمبدع في شرح المقنع (1/110).

قال: (وكذا الغسل والتيمم) أي في هذا الحكم، فمن غسله غيره ونواه صح، ومن يممه غيره ونواه صح الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (2/226)، ومطالب أولي النهى (1/211). بهذا يكون قد انتهى ما ذكره المؤلف –رحمه الله-فيما يتصل بصفة الوضوء الكامل.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق