الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.
قال المصنف –رحمه الله-: ((ولا) يمسح(ما يسقط من القدم، أو)خفًا(يرى منه بعضه)،أي: بعض القدم، أو شيء من محل الفرض؛ لأن ما ظهر فرضه الغسل، ولا يجامع المسح) الوجيز في الفقه على مذهب الإمام أحمد ص (54)، والشرح الكبير (1/406) ، هذا مقطع من كلام المؤلف-رحمه الله-تضمن مسألتين هما شرطان فيما يمسح عليه من الخفاف ونحوها.
الأول: ألا يسقط فيما إذا صار عليه بمعنى أن يثبت على القدم قال: ((ولا)يمسح(مايسقط من القدم) والعلة في هذا أنه إذا كان يسقط من القدم فليس خفًا ؛ لأن الخف المعهود هو ما كان ثابتًا على القدم في حال السير والمشي عليه الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/135).
وهذا الشرط الذي ذكره المؤلف –رحمه الله-ليس عليه دليل بين، فإنه قد يكون الإنسان لا يتمكن من المشي بمعنى أن يكون مقعدًا ويلبس شيئًا على قدمه قد لا يثبت حال المسير فإذا كان مما يسمى خفًا في العادة، فإنه يمسح عليه ولو لم يثبت ؛ لأن هذا الشرط ليس عليه دليل فيما جاءت به النصوص، والأصل أنه يمسح على كل ما ستر القدم مما يلبس على الأقدام من الخفاف ونحوها، واشتراط شرط زائد على ذلك لا بد له من دليل وليس هناك دليل يعضد ذلك.
المسألة الثانية: ألا يكون فيه خرق بمعنى أنه لا يجوز المسح على ما فيه خرق من الخفاف، وهذا الشرط يحتاج إلى دليل كسابقه ؛ لأنه إذا جاء الشرع بالإذن بالمسح مطلقًا على ما ستر القدم، فإن أي شرط يزيد لا بد له من دليل، وليس ثمة دليل يدل على وجوب ستر القدم، وأنه لا يصح المسح على خف فيه خرق الشرح الكبير (1/409)، والهداية على مذهب الإمام أحمد ص(56).
والتعليل الذي قالوه لأنه ظهر فرض الغسل، ولا يجامع المسح هذا فيما إذا ظهر ظهرت القدم جميعها أو غالبها، أما إذا ظهر بعضها، فإنه لا دليل على أن فرضه الغسل، بل المسح ؛ لأن الأصل في المسح أنه ليس عامًا لكل الخف، إنما على ظاهره كما هو معلوم.
قال –رحمه الله-: (فإن لبس خفاً على خف قبل الحدث) يعني لبس خف ثم لبس عليه آخر (ولو مع خرق أحد الخفين) يعني أن أحد الخفين لا يصح المسح عليه هذا المقصود بقوله: (ولو مع خرق أحد الخفين) يعني لبس خفاً سليمًا وخفًا مخرقًا، (فالحكم لــ)لخف ا(لفوقاني)) بمعنى أن الحكم فيما يتعلق بوجوب أن تكون الأقدام داخلة على طهارة والخلع للفوقاني المغني لابن قدامة (1/208)، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/138)
التعليل قال: (لأنه ساتر فأشبه المنفرد) ساتر بالنظر إلى أن الساتر حصل من مجموع الخفين إذا كان هذا المخرق هو الأعلى، أما إذا كان الأسفل هو المخرق فإن الستر في الأعلى ويكون تعلق المسح به واضح، لكن لو كان المخرق هو الأعلى فإنه في هذه الحال يكون الستر حصل من مجموع الخفين، ولذلك تجاوزوا فيه وأذنوا بالمسح في مثل هذه الصورة.
قال: في التعليل أنه (ساتر فأشبه المنفرد، وكذا لو لبسه على لفافة)، هذا فيما إذا كان أحدهم سليماً والآخر مخرقاً ؛ لكن (وإن كانا مخرقين) يعني كلا الخفين فيه خرق (لم يجز المسح ولو سترا)، لأن العبرة بكون أحدهما ساترًا سالماً من مؤاخذة، وأما إذا كانا جميعًا مخرقين، فإنه في هذه الحال لا يصح.
الثانية: أن يكون مخرقين وهذه الصورة الأخيرة التي قال: إنه لا يجوز المسح إن كانا صحيحين فالحكم للفوقاني، إن كانا مخرقين لا يصح المسح عليهما.
الصورة الثالثة: أن يكون الأعلى صحيحًا والأسفل مخرقًا هذا يصح المسح عليه.
والرابعة: وهي عكس السابقة أن يكون الأسفل صحيحًا والأعلى مخرقًا هذه الصورة هي التي أيضًا أشار إليها المؤلف، أشار إلى صورتين في كلامه:
الأولى: إذا كان أحدهما مخرقًا سواء كان الأعلى أو الأسفل.
والثانية: أشار أيضًا إلى الصورة الثانية إذا كان مخرقًا وترك الباقي، لأن الباقي داخل في الحكم، الصورة التي لم يذكرها إذا كانا صحيحين هي الصورة الوحيدة، أما الثلاث صور فهي مذكورة، ثلاث صور تضمنها كلام المؤلف في قوله: (فإن لبس خفًا على خف قبل الحدث، فالحكم للخف الفوقاني).
الصورة الرابعة: (فإن لبس خفاً على خف قبل الحدث) يشمل الصحيحين، ولو مع خرق أحد الخفين يدخل فيه صورتان فيما إذا كان الأعلى هو المخرق أو الأعلى هو الصحيح فالحكم للخف الفوقاني ؛ لأنه ساتر، وكذا لو لبسه على لفافة.
الصورة الرابعة: وإن كانا مخرقين يعني الفوقاني والتحتاني لم يجز المسح ولو سترا وهذا الصحيح من المذهب، وقيل: يجوز المسح لو كان مخرقين وجه الترجيح أن العبرة بكون القدم مستورة لأن الله جعل فرض القدم غير المستورة الغسل، وجعل فرض القدم المستورة المسح، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الستر حصل من خف واحد أو من مجموع خفين حاشية العنقري على الروض المربع (1/63).
قال –رحمه الله-: (وإن أدخل يديه من تحت الفوقاني ومسح الذي تحته جاز).
قوله: (وإن أدخل يديه من تحت الفوقاني) يعني مسح التحتاني ظاهر كلامه أنه لا فرق بين أن يكون التحتاني هو المخرق أو التحتاني هو الصحيح، وهذا فيه غرابة يعني لأن إذا كان التحتاني مخرق فهو لم يستر والمسح تعلق به، لكن ظاهر قوله –رحمه الله-: (وإن أدخل يديه من تحت الفوقاني) سواء كان الفوقاني صحيحًا أو مخرقًا، والذي يظهر أن الإنسان إذا لبس أكثر من خف، فإن الحكم يتعلق بالقدم وما عليها سواء كان خفًا أو أكثر من خف يعني الحكم مناط الحكم هو أن القدم مستورة، فسترت بخف أو خفين أو بمجموعة خفاف فما دامت القدم مستورة، فإن فرضها المسح ؛ لعموم النصوص الواردة في ذلك المغني (1/208).
قال –رحمه الله-: (وإن أحدث ثم لبس الفوقاني قبل مسح التحتاني أو بعده لم يمسح الفوقاني ؛ بل ما تحته) المغني لابن قدامة (1/208) لأنه لم يدخله على طهارة هذا التعليل.
والقول الثاني: يجوز لأن له المسح على الفوقاني ولو أدخله على غير طهارة، والتعليل قالوا: لأن المسح قام مقام الغسل.
وقيل: إنه بالنظر إلى المجموع فإن الحكم يتعلق بالممسوح أولا، فإذا أدخل شيئاً بعد ذلك لا بد أن يكون على طهارة حتى يجوز المسح عليه.
والذي يظهر ـ والله تعالى أعلم ـ أنه لا يلزم ذلك على ما ذكرنا من قول بعض الشافعية ينظر المجموع (1/ 531)، وروضة الطالبين (1/127)ومناط الحكم في كل هذه الصورة واحد وهو ما ذكرته من قبل، وهو كون القدم مستورة، فإذا كانت القدم مستورة، فإنه يمسح على ما سترها خف أو أكثر من خف لبس أولا أو لبس بعد حدث ومسح، أو لبس بعد حدث قبل مسح كل ذلك يدخل في عموم النصوص الدالة على المسح على الخفين، وما ذكر الفقهاء من شروط يحتاج إلى دليل، وهذه المسائل ليست مسائل نادرة لا تحدث، بل هي مسائل تدعو الحاجة إلى بيانها، فلما لم يذكرها الشارع هي من جملة العفو التي ينبغي الاقتصار على ما ورد دون التعمق بالبحث والسؤال، أو التحقيق للمسائل والأحكام.
والراجح فيها: أنه إن نزع خفاً كان قد لبسه على خف أو جورب، فإذا لُبس على جورب لا ينهي رخصة المسح، بل حكمه ثابت ما دامت القدم مستورة فيمسح على الخف التحتاني أو الجورب التحتاني ويكون هذا كما لو زال ظهارة الخف، فيعامل معامل الظهارة والبطانة.
قال –رحمه الله-: ((ويمسح)وجوبا (أكثر العمامة)، ويختص ذلك بدوائرها) الممتع في شرح المقنع (1/166)هذا ما يتعلق بالعمامة، تقدم ما يتصل بمسح الخف وأنه يمسح ظاهر الخف ولا يجب استيعابه، وأما العمامة فالعمامة اختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ في قدر ما يمسح منها، على ثلاثة أقوال:
القول الأول: وهو ما ذكره المؤلف –رحمه الله-في هذا الموضع أن الواجب في مسح العمامة مسح أكثرها ؛ لأنه يصدق عليه ما جاء في النصوص من أن "النبي –صلى الله عليه وسلم-مسح على العمامة" رواه مسلم (205)، فالمتبادر أنه يمسح على أكثر العمامة.
والذي يظهر ـ والله تعالى أعلم ـ أن مسح الغالب من العمامة هو الراجح، ولا يلزم الاستيعاب بل يمسح غالبها، والقول بأنه يمسح القدر الذي يصدق عليه أنه مسح له قوة وحظوة بالنظر إلى أن الماسح على بعض العمامة صدق عليه اسم أنه مسح على العمامة يعني يصدق عليه المعنى المذكور.
وأما القدر المجزئ من المسح على الخف، ففيه ثلاثة أقوال:
الأول: ما أشار إليه المؤلف –رحمه الله-هو أوسطها وهو أن الواجب مسح أكثر ظاهر الخف وهذا مذهب الحنابلة، والذي ذكره المؤلف –رحمه الله-هو المذهب، والدليل أن النبي –صلى الله عليه وسلم-مسح ظاهر الخف، وهذا يتحقق بمسح أكثر ما ظهر من الخف يعني هو المتبادر من النص ؛ لأن المسح أضيف إلى الظاهر، فيثبت الحكم بمسح الأكثر من الظاهر.
أما القول الثاني: أن الواجب في المسح استيعاب مسح جميع ظاهر الخف، وهذا مذهب المالكية، ووجهه أن المسح على الخف شامل لجميع الخف، فيجب استيعاب جميع ظاهر الخف المنتقى للباجي (1/ 82)
والقول الثالث: في المسألة هو ما ذهب إليه الشافعية من أن القدر المجزئ في المسح على الخف ما يصدق عليه اسم المسح دون تحديد، تلحظ أن الخلاف في هذه المسألة نظير الخلاف فيما يتعلق بالمسح على العمامة الأم للشافعي (8/ 103)
والذي يظهر ـ والله تعالى أعلم ـ أن ما يصدق عليه اسم المسح يتحقق به القدر المجزئ من المسح على الخف، فالقدر المجزئ في المسح على الخف هو ما يصدق عليه اسم المسح دون تحديد، والأحوط مسح أكثر ظاهر الخف.
قال –رحمه الله-في بيان صفة المسح: (وسن أن يمسح بأصابع يده (من أصابعه)) يعني ليس بالراحة إنما بالأصابع من أصابعه (أي من أصابع رجليه (إلى ساقيه)يمسح رجله اليمنى بيده اليمنى، ورجله اليسرى بيده اليسرى)الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/ 185)، ومطالب أولي النهى (1/ 135)هذه الصفة وردت في حديث عند البيهقي إلا إن إسناده منقطع، والصحيح أنه لم يرد في صفة المسح حديث يسار إليه فكيفما مسح أصلا المقصود، ولذلك قال المصنف بعد أن ذكر هذا استنادا إلى الرواية الواردة وإن كانت ضعيفة.
قال: (وكيف مسح أجزئه) وإنما قال (يمسح الرجل اليمنى باليد اليمنى واليسرى باليسرى) نظرًا لكون القاعدة في المسح في الطهارة أنه لا تيامن فيها، بل المسح لجميع العضو الممسوح والأمر في هذا واسع، فلو بدأ باليمين لعموم الأحاديث الواردة للندب إلى البداءة باليمين له وجه، فيبدأ بمسح اليمنى ثم يمسح اليسرى، ولو أخذ بالقول الأول الذي وردت به الرواية الضعيفة، فهو محتمل ؛ لكن الفارق بينهما أن البداءة باليمين قبل اليسار في المسح في القدمين المبدع شرح المقنع (1/ 148)يدخل في عموم الأحاديث التي تندب بالبداءة باليمين قبل الشمال.
فقوله: (وكيف مسح أجزئه) ليس فيه تيامن في الطهارة، فذاك فيما إذا كان عضوًا واحدًا في الرأس، أما ما كان العضو فيه يمينًا ويسارًا كاليدين والرجلين، فإن التيامن ممكن لا سيما أن العموم وارد "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها" أخرجه البخاري (167)، ومسلم (939)وعموم "كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره" أخرجه البخاري (168)، ومسلم (268).
فالذي يظهر ـ والله تعالى أعلم ـ أن الأقرب لظاهر السنة هو أن يبدأ يمسح رجله اليمنى بيده اليمنى، ويمسح رجله اليسرى بيده اليسرى، أو بيده اليمنى الأمر في هذا يسير، لكن الشأن في أنه ثمة تيامن في المسح على القدمين هذا الأقرب والله تعالى أعلم.
قال –رحمه الله-: (يفرج أصابعه إذا مسح) حتى يأتي على أكثر ظاهر الخف، (وكيف مسح أجزائه) يعني سواء مسح على الصفة التي ذكر أو على غيرها الأمر في هذا واسع.
قال –رحمه الله-: (وعقبه فلا يسن مسحها) لعدم ورود ذلك، (ولا يجزئ لو اقتصر عليه) أي لو اقتصر على مسح الأسفل أو العقب دون مسح الظاهر لا يجزئ، وهذا قول واحد في المذهب، والعلة في ذلك أنه مسح على خلاف ما ورد عن النبي –صلى الله عليه وسلم-فيكون لم يأتي بما شرع في المسح، فلا يجزئه هذا المسح المحرر (1/ 13)، الإنصاف (1/ 184،185).
والقول الثاني: أنه يجزئ. والأقرب عدم الإجزاء، إلا من جاهل، والجاهل له أحكام تخصه.
قال –رحمه الله-: ((و)يمسح وجوبًا (على جميع الجبيرة))هذا ما فارقت فيه الجبيرة المسح على العمامة والخف في المذهب أن الحكم يتعلق بجميع الجبيرة (لما تقدم في حديث صاحب الشجة)، والحديث ضعيف كما تقدم؛ لكن عمل العلماء بموجبه ؛ لأن المسح هنا نائب عن الغسل في العضو والغسل يستوعب جميع العضو فكذلك المسح الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/193)، وكشاف القناع (1/120).
والأمر في هذا ظاهر من حيث أن الأقرب هو استيعاب العضو بالمسح، وسيأتي حديث صاحب الشجة والكلام عليه وما دل عليه في باب التيمم.
قوله –رحمه الله-: ((ومتى ظهر بعض محل الفرض) ممن مسح (بعد الحدث)بخرق الخف أو خروج بعض القدم إلى الساق أو ظاهر بعض رأس وفحش أو زالت جبيرة استأنف الطهارة) بمعنى أنه يجب الخلع في الخف وفي العمامة وفي الجبيرة إن أمكن الممتع في شرح المقنع (1/166).
قال: (استأنف الطهارة، فإن تطهر ولبس الخف ولم يحدث، لم تبطل طاهرته بخلعه، ولو كان توضأ تجديدًا ومسح).
قوله: (متى تطهر من محل الفرض ممن مسح بعد الحدث بخرق ....إلى آخره.... استأنف الطهارة) الصواب في هذه المسألة أنه لا يجب استئناف الطهارة، وإنما قالوا: بوجوب الاستئناف ؛ لأنه ظهر بعض الفرض، وظهور بعض محل الفرض في القدم يبطل المسح عليه، وفي العمامة يثبت الحكم إلحاقا بالخف وكذلك الجبيرة الإنصاف للمرداوي (1/190)، والمغني لابن قدامة (1/212)
والذي يظهر ـ والله تعالى أعلم ـ أن الأصل لا دليل عليه، فكل ما ألحق به أيضًا لا دليل عليه، فإذا ظهر بعض القدم ما دام أنه لم يخلع الخف، وكذا العمامة وكذا الجبيرة، فالحكم فيها أنه يجوز المسح على أن الجبيرة والعمامة في الأصل لا يشترط لهما ما يشترط في مسح الخف، لكن ما ذكره المؤلف جار على المذهب من أن المسح على العمامة والمسح على الجبيرة حكمهما حكم المسح على الخف، إلا ما ترتب على ضرر كما لو كان في خلع الجبيرة أو إزالتها ضرر.
قال –رحمه الله-: (وتمت مدته) (أي مدة) جواز (المسح) سواء مسافرًا أو مقيمًا (استأنفالطهارة) يعني لم يجز له المسح، بل يجب عليه استئناف الطهارة، وإن لم يجز له المسح.
ثانيًا: أنه لا يعتبر الطهارة السابقة في إباحة ما تشترط له الطهارة فقوله: (استأنف) يفيد فائدتين: الأولى: أنه لا يجوز له أن يمسح على هذا الخف بعد اكتمال المدة.
قال: (ولو في صلاة) يعني ولو كان في صلاة فإنه يخرج منها، والتعليل قال: (لأن المسح أقيم مقام الغسل، فإذا زال أو انقضت مدته بطلت الطهارة في الممسوح) ووجب الغسل.
والقول الثاني: أنه إذا انقضت مدة المسح ولم يحدث، فإنه لا تنتقض الطهارة بانتهاء مدة المسح على الخفين، فانتهاء مدة المسح ليس ناقض من نواقض الطهارة، بل يصلي ما لم يحدث وهذا مذهب الظاهرية المحلى (1/ 321) ، وذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-في الاختيارات الاختيارات ص (15) قال: ولا ينتقض وضوء الماسح على الخف والعمامة بنزعهما ولا بانقضاء المدة وذهب إليه ابن المنذر الأوسط (2/111-112) والنووي المجموع للنووي (1/ 557).
ولابن المنذر تقعيد جيد في هذا، فقال –رحمه الله-: وقد احتج بعض من لا يرى عليه إعادة الوضوء ولا غسل القدم والخف عليه طاهر كامل الطهارة بالسنة الثابتة أليس كذلك؟
إذا مسح على الخف المدة هو على طهارته بالسنة الثابتة.
يقول –رحمه الله-: ولا يجوز نقض ذلك إذا خلع خفه إلا بحجة من سنة أو إجماع، وليس مع من أوجب عليه أن يعيد الوضوء أن يغسل الرجلين حجة يعني ليس هناك دليل لا من الكتاب ولا من السنة ولا من الإجماع، فإذا كان كذلك فالأصل بقاء الطهارة. وإلى هذا ذهب الحسن البصري وقتادة وجماعة من أهل العلم، وممن اختار هذا القول النووي –رحمه الله-من الشافعية، فالصحيح في هذه المسألة أن انتهاء مدة المسح لا ينقض الطهارة بل يصلي ما لم يحدث وإلى هذا ذهب ابن المنذر والنووي وشيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-واختاره جماعة من المحققين، وهو اختيار شيخنا ابن عثيمين –رحمه الله-والحجة ظاهرة أنه لا دليل على النقض، وبهذا يكون قد انتهى ما يتعلق بباب المسح على الخفين الشرح الممتع (1/265).