قوله رحمه الله: "الخامس: الإجارة" هذا الخامس من مسائل المعاملات، تقدم عندنا البيع، وهو عقد على عين؛ إما حاضرة وإما غائبة، ويقابل هذا العقد على منفعة العين، وهو الإجارة.
قوله رحمه الله: "البيع إما عينًا"، وقد تقدم بنوعيه؛ عين حاضرة وعين غائبة.
قوله رحمه الله: "وإما منفعة"، وهذا هو الذي سنبحثه الآن، وهو الإجارة؛ فإن الإجارة هي بيع المنفعة، هذا تعريف الإجارة، أقصر تعريف للإجارة هو بيع المنافع، فإن الحقيقة في عقود الإجارة بشتى صورها أنه عقد على منفعة؛ إما أن تكون المنفعة في عين أو تكون عملًا من عامل.
قوله رحمه الله: "وهي الإجارة"، ثم بين ما هو المعقود عليه في عقد الإجارة بـ:
قوله رحمه الله: "وهي إما على عين يأخذ منها نفعها"، تستأجر هذه السيارة للسفر عليها، الآن عقد على عين لاستيفاء المنفعة منها، هذه الصورة الأولى.
قوله رحمه الله: "وإما على منفعة من عين"، هذه الصورة الثانية، وهو أن تعقد على إيصالك إلى البلد الفلاني بواسطة القطار، أنت لم تعقد على قطار بعينه ولا طائرة - إذا كانت وسيلة النقل طائرة - بعينها، أنت عقدك على منفعة تُستوفى من عين، هذه العين قد تكون هذه أو تلك أو تلك، ليس لك علاقة بالعين التي يُستوفى منها النفع، إنما لك بالمنفعة المعقود عليها.
قوله رحمه الله: "وإما على منفعة من شخص" هذه الصورة الثالثة، وهذا عقد على عمل.
فالمنفعة:
- إما أن تكون مستوفاة من أعيان.
- وإما أن تكون مستوفاة من عامل.
فإذا كانت مستوفاة من أعيان فلها صورتان:
الصورة الأولى: أن يكون العقد على عين معينة تستوفى المنفعة منها.
الصورة الثانية: أن يكون العقد على منفعة تستوفى من عينٍ كائنًا ما كانت تلك العين.
قوله رحمه الله: "الأولى كإجارة أرض للزرع"، تستأجر أرضًا لزراعتها، فهنا عين تستوفى منها المنفعة، مثل سيارة تسافر عليها.
قوله رحمه الله: "والثانية: كسكنى دار، وركوب الدابة، ونحو ذلك"، فالمعقود عليه هو المنفعة، لا العين، سكنى دار سواء كانت هذه الدار هنا أو هناك، مثلما تحجز مثلًا سكنى نزل في فندق، حتى لو حددوا لك الغرفة هي في الطابق الأول أو الثاني فأنت قد عقدت معهم على منفعة، وهي سكنى غرفة، سواء كانت في الدور الأول أو الثاني أو الثالث، لا دخل لك في هذا التعيين؛ لأنك لم تعقد على غرفة بعينها، إنما عقدت على منفعة تستوفى من عين.
قوله رحمه الله: "ومنفعة الشخص" هذا هو النوع الثالث من المعقود عليه في عقد الإجارة، وهو المنفعة المستوفاة من عامل.
قوله رحمه الله: "إن تسلمه فهو الأجير الخاص وإن سلمه العمل فهو المشترك" وهذا بيان أن العقد على العمل له صورتان:
الصورة الأولى: يكون فيها الأجير خاصًّا.
والصورة الثانية: يكون فيها الأجير مشتركًا.
الأجير الخاص هو من قُدِّر نفعه بالزمن، هذا تعريفه.
والأجير المشترك هو من قُدِّر نفعه بالعمل.
فمثلًا عندما تذهب بثوبك إلى الغسال لغسله، أنت استأجرت العامل هنا على عمل أو استأجرته في زمن؟ على عمل، أجير خاص أو أجير مشترك؟ أجير مشترك؛ لأنه يُقدَّر نفعه بالعمل، لا بالزمن.
عندما تستأجر مدرسًا يدرس أولادك القرآن ساعةً في اليوم، أجير خاص أو أجير مشترك؟ أجير خاص؛ لأن نفعه قُدِّر بالزمن.
وثمة أحكام أخرى تختلف فيها أحكام الإجارة بين الأجير الخاص والأجير المشترك.