قوله رحمه الله: "ويحرُمُ مُستخبث" هذا هو الرابع مما يحرُمُ من الأطعمة والأشربة. أي: ما يستخبثه أوساط الناس من ذوي الفِطَر السليمة والعادات المستقيمة.
قوله رحمه الله: "كقنفذ وفأرة وكل حشرات"، وهذه المسألة مما وَقَعَ فيه خلاف بين العلماء؛ فإنَّ المُستَخبَث مما تختلف فيه النفوس، ولا يجري فيه الناس على سَنَن مستقيم، ولذلك اختلف الفقهاء في تحريم الأشياء بناءً على أنها مُستَقذَرَة أو مُستَخبَثَة؛ لأن ذلك قد يتغير زمانًا، وقد يتغير مكانًا، وقد يتغير حالًا؛ فالمسألة ليست منضبطةً انضباطًا يمكن أن يُرجع إليه، ولا دليل على مثل هذا، فالأصل ألا يُحرَّم شيء إلا قد قام الدليل على تحريمه، فالقنفذ الصواب أنه ليس بمُحرَّم، وهذا مذهب الإمام الشافعي رحمه الله، وكذلك الإمام مالك.
قوله رحمه الله: "وفأرةٍ" العِلَّة في تحريم الفأرة ليس أنها مُسْتَخبَثَة، بل لأن الشارع أَمَرَ بقتلها، وهذا يُضاف إلى ما يحرُم من المأكولات، كل ما أَمَرَ الشارع بقتله فإنه يَحرُم أكله؛ كالوَزَغ، والفأرة، والحِدَأَة، والغراب، والعقرب، والحيَّة، هذه كلها أَمَرَ الشارع بقتلها، فلا يحل أكلها.
قوله رحمه الله: "وكلُّ حشراتٍ" هذا يُستثنى منه الجَرَاد؛ فإنه قد جاء في السنَّة إباحته، وما عَدَاه فإنه يَحرُم؛ إمَّا لِمَضرَّته وإما للنصِّ على تحريم بعض صوره.
قبل أن ننتقل إلى ما يتعلَّق ببقية ما ذَكَرَ من المحرَّمات، يُضاف إلى المُحرَّمات في المآكل والمشارب كل ما نَهَىَ الشَارع عن قتله؛ فإنه لا يحلُّ أكله؛ كالهدهد، والصُّرَد، والنملة، والنحلة، فهذه نَهَى الشارع عن قتلها، فلا يحل أكلها؛ لأن قتلها اعتداء ومخالفة، فلا يُستباح به أكلها.
قوله رحمه الله: "وحشيشة مُسكِرَةٌ" أي: مما يحرُم حشيشة مُسكرة، أي: حشيشة يحصل بها الإسكار.
قوله رحمه الله: "وكل عشبٍ مضر" وهذا يندرج فيما تقدم.
قوله رحمه الله: "كبَنْج وشُبْرُم ونحوه"؛ وذلك أنَّ الشريعة حرَّمت كلَّ ما يحصل به ضَرَر على الناس.
قوله رحمه الله: "وكلُّ مسكر كخمر ونحوه"؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ»مسلم (2003)؛ فالعلَّة هي الإِسكار، فكلُّ ما حَصَلَ به الإِسكار من خمر ونحوه؛ كالمخدرات والمشمومات التي يحصل بها تغييب العقل على وجه اللذة والطَّرَب فإنّه مما حَرَّمه الشارع.
قوله رحمه الله: "ومال الغير من غير ضرورةٍ داعيةٍ إليه" أي: ومما يحرُم أكله وشربه ما كان ملكًا للغير؛ فإن التعدِّي عليه بأكل أو شرب هو انتهاك لحُرمةِ المال، ولو وَقع فإنه مضمون على مَن أتلَفَه بالأكل والشرب لصاحبه.