قال رحمه الله:"وأما المُزال عنه فكل ما علقت النجاسةُ به".
قوله رحمه الله:"وأما المُزال عنه" أي: ما تُرْفَع عنه النجاسة،
قوله رحمه الله:"فكل ما علقت النجاسة به"، وهي كل عين طاهرة طرأت عليها النجاسة، هذا المُزال عنه، لو قال هذا لكان أوضح: كل عين طاهرة طرأت عليها النجاسة؛ فإنه يندرج في قوله:"وأما المزال عنه"، وبهذا يُعلم أن النجاسة التي يبحث الفقهاء في حكمها هي النجاسة الطارئة، النجاسة التي يُسميها العلماءُ النجاسةَ الحكمية، فهذه التي يبحث العلماء في تطهيرها.
وأما النجاسة العينية فإن الفقهاء لا يتكلمون عن حكمها؛ فالكلب -مثلًا- عينٌ نجسةٌ، الميتة عينٌ نجسةٌ، فلا يمكن تطهيرها، فلا تدخل فيما يتعلق بالطهارة من النجاسة؛ لأنها عينٌ نجسة، لكن الثوب إذا طرأت عليه نجاسة، الأرض إذا طرأ عليها نجاسة، هنا يُبْحَث فيما يتعلق بإزالة النجاسة، لماذا؟ لأن النجاسة طرأت على عين طاهرة، فبُحِثَ حكم إزالة النجاسة الواقعة أو العالقة بها.
إذن فيما يتعلق بالطهارة من النجاسة: البحثُ في النجاسة الحكمية الطارئة على عين طاهرةٍ، أما النجاسة العينية الأصلية فهي خارجة عما يتناوله الفقهاء في هذا الموضع.
قوله رحمه الله: "ويتطهَّرُ المصلي في بدنه، وثوبه، وبقعة صلاته".
هذا بيان موضع الطهارة من النجاسة؛ موضع الطهارة من النجاسة يكون في البدن، ويكون في الثوب، ويكون في البقعة، وهذا قول أكثر العلماء، وقد حكى بعضهم الاتفاق عليه، إلا أن ثَمَّة من يخالف، فالإجماع غير منضبط في هذا، لكن عامة أهل العلم وأكثر الفقهاء على أن المصليَ يجب عليه أن يتطهر في بدنه، وفي ثوبه، وفي بقعة صلاته.
أما في بدنه وثوبه فلقول الله جل وعلا: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ المدثر: 4، دلالته على الثياب واضحة بالنص، ودلالته على البدن من باب أولى؛ لأنه إذا طُلب طاهرة المنفصل فالمتصل من باب أولى.
وأما طهارة البقعة فدلالة الآية عليها باللزوم؛ لأنه من لازم طهارة الثوب والبدن أن تكون البُقعة التي يباشرها المصلي طاهرةً.
فهذه الآية جمعت الدليل على وجوب الطهارة في الثوب والبدن والبقعة؛ هي نص في الثوب، والقياس الأولوي الجلي في البدن، والبُقعة من لازم طهارة الثوب والبدن.
هذا ما ذكره المؤلف -رحمه الله- فيما يتصل بالطهارة من الحدث، وتلاحظون أن المؤلف رحمه الله ذكر في الطهارة قسمين وفصَلهما، خلافًا لما جرى عليه الفقهاء من ذكر هذين ضمن شرط واحد؛ لأنه يتكلم الآن عن الشرط؛ عن شروط الصلاة، ذكر الطهارة من الحدث أولًا، ثم ذكر الطهارة من النجاسة ثانيًا، وهي شرط واحد في تصانيف عامة الفقهاء، فيذكرونها في مساق واحد، فالطهارة يقول: من شرط الصلاة الطهارة، ثم يقول: والطهارة تكون من الحدث ومن الخبث، هذا هو الشرط الأول.
قوله رحمه الله:"الثالث"؛ يعني: من الشروط، وهو الثاني في تصنيف أكثر العلماء، قال: "الوقت".