تجريد التوحيد المفيد

من 2017-12-30 وحتى 2020-01-15
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1433

التاريخ : 2018-01-25 10:54:19


قال - رحمه الله -: "والنوع الثاني من الشرك: الشرك به تعالى في الربوبيَّة، كشرك من جعل معه خالقًا آخر، كالمجوس وغيرهم، الذين يقولون: بأن للعالم ربَّين، أحدهما خالق الخير، ويقولون له بلسان الفارسيَّة (يزدان)، والآخر: خالق الشر، ويقولون له المجوس بلسانهم: (أهرمن).

وكالفلاسفة ومن تبعهم الذين يقولون: بأنّه لم يصدر عنه إلاَ واحد بسيط، وأنَّ مصدر المخلوقات كلها عن العقول والنفوس، وأنَّ مصدر هذا العالم عن العقل الفعَّال، فهو ربُّ كل ما تحته ومدبِّره. وهذا شرٌّ من شرك عبَّاد الأصنام والمجوس والنصارى، وهو أخبث شرك في العالم؛ إذ يتضمن من التعطيل وجحد الإلهيَّة والربوبيَّة واستناد الخلق إلى غيره سبحانه ما لم يتضمنه شرك أمة من الأمم. وشرك القدريَّة مختصر من هذا، وباب يدخل منه إليه؛ ولهذا شبَّههم الصَّحابة - رضي الله عنهم - بالمجوس، كما ثبت عن ابن عمر وابن عبَّاس - رضي الله عنهم -، وقد روى أهل السنن فيهم ذلك مرفوعًا: أنهم مجوس هذه الأمة، وكثيرًا ما يجتمع الشركان في العبد".

هذا النوع الثاني من أنواع الشرك وهو الشرك في الربوبية، وأعاد المؤلف الحديث عن النوعين تأكيدًا وتقريرًا لهذين النوعين وبيان خطورتهما، والأدلة الدالة على بطلانهما.

قال - رحمه الله -: "والنوع الثاني من الشرك: الشرك به تعالى في الربوبيَّة"؛ وهو الشرك في اعتقاد الخلق، والملك، والرزق، والتدبير لغير الله - عزَّ وجلَّ -، يذكر - رحمه الله - أن توحيد الربوبية لا يتحقق لأحد إلا بماذا؟ إلا بأن يوقن بأنَّ الله هو الخالق، بأنَّ الله هو المالك، بأنَّ الله هو المدبر، بأنَّ الله هو الرازق؛ هذه أصول لا بد من استحضارها لتحقيق توحيد الربوبية لله - عزَّ وجلَّ -.

فمن اعتقد أن ثمة خالقًا غير الله ولو كان يخلق شيئًا من الأشياء ولا يخلق كلَّ شيء، فإنَّه يكون بذلك قد أخلَّ بتوحيد الربوبية.

  

يقول المؤلف - رحمه الله -: "الشرك به تعالى في الربوبيَّة، كشرك من جعل معه خالقًا آخر، كالمجوس" الذين قالوا: للعالم خالقان؛ خالق الخير، وخالق الشر، فهؤلاء أشركوا في الربوبية، قال: "الذين يقولون: بأنَّ للعالم ربين"؛ رب الخير: النور، ورب الشر: الظلمة، أحدهما خالق الخير ويسمونه يزدان، والآخر خالق الشر ويسمونه أهرمن؛ وهذه صورة من صور الشرك في الربوبية.

ثمَّ ذكر صورة أخرى من صور الشرك في الربوبية "الفلاسفة"؛ وهم الذين يقولون: بأنَّ هذا العالم لم يصدر عنه إلا واحد بسيط، وأنَّ مصدر المخلوقات كلها من العقول والنفوس، ويقول: إنَّ العقول عشرة، وأنَّ مصدر هذا العالم عن العقل الفعال فهو ربُّ كلِّ ما تحته ومدبره؛ وهذا القول قال به الفلاسفة في تفسيرهم للربِّ الذي يعبدون والذي يعتقدون.

وقد قال - رحمه الله -: "وهذا شرٌّ من شرك عبَّاد الأصنام والمجوس والنَّصارى"، لماذا؟ لأنَّهم اعتقدوا أنَّ للعالم تسعة أرباب يرجعون إلى ربٍّ هو العقل الفعال الذي يدبر هذه التسعة؛ وهذا كله زور، وضلال، وانحراف، وضرب في عمى، فإنَّ الله لا إله غيره - جلَّ في علاه -.

قال: "وشرك القدرية"؛ أي: شرك من يعتقدون أن الإنسان يخلق فعل نفسه "باب يدخل منه إليه"؛ أي يدخل إلى هذا الشرك؛ لأنَّ الذين يعتقدون أن العبد يخلق فعل نفسه، كم أثبتوا من خالق؟ أثبتوا خالقين بعدد الخلق؛ لأنَّ كل مخلوق يخلق فعل نفسه، فبالتالي الأرباب ليسوا ربًّا واحدًا، وليسوا ربَّين، وليسوا عشرة، بل هو بعدد الخلق؛ ولهذا يقول - رحمه الله -: "وشرك القدرية مختصر من هذا"؛ أي: مأخوذ من هذا، وقد ذمهم علماء الأمة.

  

ملخص ما تقدم؛ أنَّ الشرك نوعان:

النوع الأول: شرك في الإلهية وهو في العبادة، وأصل ذلك تسوية غير الله بالله فيما يجب أن يكون لله من المحبة، والخوف، والرجاء، وأعمال القلوب والجوارح، والقول.

والنوع الثاني: شرك في الربوبية، وهو مراتب ودرجات وقع في الناس الإخلال بتوحيد الربوبية على صور ذكر منها - رحمه الله - جملة.

ثمَّ قال: "وكثيرًا ما يجتمع الشركان في العبد"، لماذا؟ لأنا ذكرنا أن من كمَّل توحيد الربوبية لا بد أن يكمِّل توحيد الإلهية، فمن وقع في شرك الربوبية لا بد أن يناله شيء من شرك الإلهية؛ ولهذا يقول: وكثيرًا ما يجتمع الشركان في العبد؛ فيقع في شرك الربوبية فيقوده ذلك إلى شرك في الإلهية، أو يخل بتوحيد الإلهية، فيوقعه ذلك في شرك الربوبية.   

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق