شرح العقيدة الواسطية

من 1439-02-06 وحتى 1440-12-06
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1284

التاريخ : 2018-09-21 14:06:26


"وأما الشفاعة الثانية فيشفع في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة وهاتان الشفاعتان خاصتان له".

إذًا هذه هي النوع الثاني من أنواع الشفاعة، وهي شفاعته لأهل الجنة في دخولها، يشفع –صلى الله عليه وسلم- لأهل الجنة في أن يدخلوها إذ إن أهل الجنة من الأمم جميعا إذا خلصوا من النار، بما فيهم الرسل صلوات الله وسلامه عليهم حُبِسوا على القنطرة التي بعد الصراط قبل دخول الجنة حتى يخلص بعضهم من بعض ما يكون من حقوق، ثم إذا أرادوا دخول الجنة.

  

يأتون إلى آدم ثم إلى نوح وهلم جره على نحو ما تقدم حتى يأتوا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فيتقدم يطلب فتح باب الجنة.

وهذا ما تقدم قبل قليل من حديث أنس آتي باب الجنة فاستفتح فيقول: من؟ فيقول الخازن من؟ فأقول: محمد فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك فيفتح له فيدخل وتدخل أمته ثم يدخل الله تعالى بقية الأمم بعد ذلك، فكان النبي –صلى الله عليه وسلم- أول شفيع في الجنة كما جاء في حديث أنس حيث قال: «أنا أول شفيع في الجنة» يعني في دخولها وهي شفاعته للخلق جميعا لجميع أهل الجنة أن يدخلوها باستفتاحه –صلى الله عليه وسلم- وهذه شفاعة خاصة بالنبي –صلى الله عليه وسلم- وهي عامة لأهل الإيمان.

  

الشفاعة الأولى الشفاعة العامة للناس جميعًا، هي الشفاعة التي تكون للخلق مسلمهم وكافرهم في أن يأتي الله لفصل القضاء.

أما الشفاعة الثانية فهي خاصة بأهل الإيمان من النبيين والمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين كل هؤلاء يشفع لهم النبي –صلى الله عليه وسلم- في دخول الجنة في ابتداء الدخول، وهذا معنى قوله: «أنا أول شفيع في الجنة» ومعنى الحديث الآخر الذي فيه استفتاح باب الجنة.

هاتان شفاعتان خاصتان بالنبي –صلى الله عليه وسلم-.

هناك شفاعة ثالثة خاصة بالنبي –صلى الله عليه وسلم- وهي شفاعته في عمه أبي طالب وهي أن يخفف الله تعالى عنه العذاب، هذه الشفاعة كرامة للنبي –صلى الله عليه وسلم- وتخفيف عن أبي طالب ما كان من العذاب الذي يستحقه لعدم إيمانه بالنبي –صلى الله عليه وسلم- فأبو طالب أحب النبي –صلى الله عليه وسلم- وصدقه بقلبه لكنه لم يؤمن بلسانه ولم يقر للنبي –صلى الله عليه وسلم- بما دعاه إليه من توحيد الله –عز وجل-.

ففيما جاء في صحيح الإمام مسلم أن أبا طالب لما حضرته الوفاة جاءه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل فقال يا عم قل كلمة أحاج لك بها عند الله؟ فدعاه أن يقول لا إله إلا الله فتكلم أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية فقال لأبي طالب وهو في السياق يعني في حال الاحتضار أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فأعاد النبي –صلى الله عليه وسلم- على عمه يا عم قل كلمة أحاج لك بها عند الله فأعادها عليه فأعاد عليه النبي –صلى الله عليه وسلم- فكان آخر ما قال أبو طالب هو على ملة عبد المطلب نعوذ بالله من الخذلان فلم يؤمن.

إلا أن النبي –صلى الله عليه وسلم- وجد في نفسه ألمًا شديدًا أن فاته إيمان عمه، فأنزل الله تعالى عليه: ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ[القصص: 56] وقال –صلى الله عليه وسلم-: «لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك» وهذا يدل على أنه لا يملك الشفاعة ابتداء ولا يملك الشفاعة دون إذن الله –عز وجل- بل بأمره وأذنه لذلك قال: «لأستغفرن لك» أي أطلب لك المغفرة إلا أن ينهى عنه، فجاء النهي في قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ[التوبة: 113].

فانتهى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عن الاستغفار لعمه أبي طالب لأن الله نهاه إذ أن الله تعالى ﴿لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[النساء: 48] فقد منع الله المغفرة عن المشركين ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ إلا أن العباس سأل النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال له يا رسول الله: عمك أبو طالب كان يغضب لك ويحوطك ما نفعته يعني بأي شيء نفعته مقابل ما كان من حمايته ومناصرته لك مع كونه لم يؤمن بك؟ فقال –صلى الله عليه وسلم-: «هو - يعني أبا طالب - في ضحضاح من النار» الضحضاح هو الماء الذي يبلغ الكعبين، لكن هذا الضحضاح ليس من ماء وإنما هو من نار ولذلك قال: هو في ضحضاح من نار يعني في نار تبلغ كعبيه «تغلي منه دماغه، ولولا أنا - يعني لولا ما أكرمني الله به من الشفاعة له في تخفيف العذاب - لكان في الدرك الأسفل من النار»، إلا أن هذا التخفيف لا يستفيد منه أبو طالب فيما يرى من نفسه، لأنه يرى أنه أشد أهل النار عذابًا وهو أهونهم وأخفهم عذابا.

وأشد أهل النار يعني من هم فيها مخلدون، وأما أهل الإيمان فمنهم من هو دون ذلك من العذاب لأن المؤمنين الذين يدخلون النار على مراتب ودخولهم مؤقت بقدر ما يكون من تخليصهم من ذنوبهم وتطييبهم حتى يدخلوا الجنة فالجنة دار الطيبين طبتم فادخلوها خالدين نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الطيبين.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق