أسباب حياة القلوب

من 2018-03-14 وحتى 2021-03-01
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 2263

التاريخ : 2018-04-08 16:01:31


بعد هذا بين عظيم أثر فقد هذه الصفة، صفة التعظيم، ففاقد "ذا" المشار إليه ما تقدم من المذكورات، السابقة الثلاثة التدبر، والإقبال، والتعظيم.

ويمكن أن نقول: أنه عائد إلى آخر مذكور وهو التعظيم، والذي يظهر أن فقد كل واحد من هذه مشكلة، ففقدها جميعًا طامة، وفقد واحد منها مشكل يترتب عليه فساد القلب، يقول: "وفاقد ذا لاشك قد مات قلبه" وهذا أول أقسام القلوب.

فالمؤلف –رحمه الله- لما ذكر الأسباب ذكر أسماء أسباب حياة القلب، ذكر أقسام القلوب والقلوب تنقسم إلى ثلاثة أقسام؛

الأول: القلب الميت.

الثاني: القلب المريض.

الثالث: القلب الصحيح.

ومن بديع نظم الناظم –رحمه الله- أنه بدأ أولًا بالقلب الميت، لأنه يبحث عن أسباب الحياة ليصل إلى القلب الصحيح في آخر المطاف، فبدأ أولا بذكر القلب الميت ثم ذكر بعد ذلك القلب المريض، ثم بعد ذلك ذكر القلب الحي المستنير أسال الله أن يجعلني وإياكم من أصحاب هذا القلب، القلب الحي المستنير بذكره وطاعته والقيام بحقه جل في علاه.

يقول: وفاقدُ ذا: المشار إليه المتقدم لا شكَّ قدْ ماتَ قلبُه، هذه الحالة الأولى هذا الفقد الكلي إذا فقد كل ما تقدم من التعظيم والإقبال والتدبر مات قلبه.

"أوِ اعتلّ"

هذا القسم الثاني من أقسام القلوب، وهو القلب المريض.

  

أوِ اعتلّ بالأمراضِ كالرَّينِ والعَمَى

أي أصابته علة، بأن نزل به مرض أفسد قلبه، وهذا البيت تضمن ذكر قسمين من أقسام القلوب القلب الميت، والقلب الحي.

أما موت القلب فليس هو وقوفه عن الحركة والنبض، وهذا هو المتبادر إلى أذهان كثير من الناس، أنهم لا يذكرون في موت القلب إلا توقف نبضه، وهذا قصور في الفهم، فالموت الحقيقي للقلب هو ذهاب نور الإيمان منه، فلو كان القلب أنشط ما يكون نبضًا وأقوى ما يكون حركة، لكنه منطمس من أنوار الهداية عامٍ عن نور الوحي والطاعة فإنه قلب ميت، وهذا القلب هو قلب الكافر والمنافق، فإن قلب الكافر والمنافق ميت وهو الذي أشار إليه قول الله تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ[الأنعام: 122] فالمقصود بالموت في هذه الآية، هو موت القلب ولذلك قال المفسرون في الآية: أومن كان كافرا ميت القلب مغمورا في ظلمة الجهل، فهديناه لرشده ووفقناه للإيمان وجعلنا قلبه حيا بعد موته مشرقا مستنيرًا بعد ظلمته فالله –عز وجل- جعل الكافر لانصرافه عن طاعته وجهله بمثابة الميت.

وقد مثَّل ذلك رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في قوله: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت» لبيان أثر الطاعة في إحياء القلوب، وأن الحقيقة في الموت ليس موت البدن، لأن موت البدن يعتري الجميع ولا إشكال ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ[الأنبياء: 35] لكن الإشكالية في أن يموت القلب لأنه إذا مات القلب تعثر سير الإنسان في سفره إلى ربه، فلم يدرك خيرًا ولا هدى ولا فلاحا ولا نجاحا.

وقد سمى الله الكافرين أمواتًا في آيات عديدة ﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ[الأنعام: 36] فسمَّى الله تعالى من قبل الدعوة وانقاد للهدى الذي جاء به النبي –صلى الله عليه وسلم- بأنه يسمع إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ فيدركون ويقبلون وأما الموتى فهؤلاء لا سبيل إلى إسماعهم ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ[النمل: 80] الذي فيه صمم لو تناديه أقوى ما يكون من نداء لن يسمعك، لأنه أصم فكذلك القلب إذا مات، فإن القلب إذا مات لم يُقبل على هدى بل هو في عداد الموتى الذين لا يسمعون صوتًا ولا يعقلون دعاء ولا يفقهون قولًا.

ولهذا ضرب الله مثلًا للقلوب الميتة إذا استنارت بالهدى بالأرض الميتة إذا نزل عليها المطر ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا[الحديد: 17] جاء بهذه الآية بعد قوله: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ[الحديد: 16] فكما أن الله الأرض بما أنزل عليها من مطر، كذلك يحيي القلوب بما جاء به سيد الأنام صلوات الله وسلامه عليه من الهدى ودين الحق.

فإحياء القلوب الميتة القاسية بالذكر، كإحياء الأرض الجدباء الميتة بالمطر.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق