شرح العقيدة الواسطية

من 1439-02-06 وحتى 1440-12-06
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1538

التاريخ : 2018-04-26 17:37:41


هم وسط في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم

هذا ثالث ما ذكره المؤلف –رحمه الله- فيما يتصل بوسطية أهل السنة والجماعة جعلنا الله وإياكم منهم.

"هم وسط في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم" النصوص في الكتاب والسنة جاءت بوعد ووعيد، وكمال النظر جمع نصوص الوعد مع الوعيد وعدم معارضة هذا بذاك ولا إغفال شروط إدراك الوعد وإنفاذ الوعيد.

قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ[الانفطار: 13] هذا وعد بأن الأبرار ينعمون ﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ[الانفطار: 14] هذا وعيد توعد الله تعالى الفجار بالجحيم، وهذا جرى في القرآن في مواضع عديدة يذكر الله تعالى أعمالًا أو عقائد ثم يعقب ذلك بالجزاء في الصالح منها بالمثوبة والأجر وبالفاسد منها بالعقوبة، فالله تعالى ذكر في كتابه الوعد بالجنة والسعادة والخير لأوليائه، وجعل الوعيد في العقوبة وشديد العذاب لمن كذب الرسالات أو عصى الله تعالى.

  

ثمة فريقان من الناس منهم من غَلَّب نصوص الوعيد، ومنهم من غلب نصوص الوعد الذين غلبوا نصوص الوعد اسمهم المرجئة والذين غلبوا نصوص الوعيد هم القدرية، وأما أهل السنة والجماعة فسلم الله سبيلهم من كل تلك الشذوذات والانحرافات فجمعوا بين نصوص الوعد والوعيد فأمنوا بنصوص الوعد بشروطه التي ينال بها، وآمنوا بنصوص الوعيد التي ذكرها الله –عز وجل- بشروطه التي لابد من اجتماعها لتحقق الوعيد.

فجمعوا في إيمانهم بين كل النصوص التي جاء الخبر بها، بخلاف تلك الفرق فالمرجئة الذين غلبوا نصوص الوعد أهملوا نصوص الوعيد، وأثبتوا الجنة والجزاء العظيم للعصاة والمنحرفين وقالوا لا يضر مع الإيمان معصية فترتب على ذلك أيضًا انحراف في مسائل الإيمان وحقيقته ويقابلهم الوعيدية الذين ضاقت قلوبهم عن إدراك اجتماع الوعد والوعيد في الشخص فقالوا: إذا وقع الإنسان في كبيرة من الكبائر أو في موبقة من الموبقات انعدم في حقه كل ما يتعلق بنصوص الوعد فكان من أهل الوعيد ورتبوا على ذلك عقائد في الأسماء وكذلك عقائد في الأحكام كما سيأتي بيانه وإيضاحه.

وأهل السنة والجماعة سلمهم الله تعالى من هذا وذاك.

  

فقالوا: نصوص الوعد ثابتة لمن عملها أي عمل تلك الأعمال التي رتب الله عليها الوعد بالفضل لمن كان مخلصًا لمن كان ملتزمًا بالسنة ولمن انتفى في حقه المانع الذي يمنع من إدراك الوعد.

وكذلك في الوعيد قالوا: الوعيد يستوجبه كل من عصى الله إلا أن يكون هناك ما يمنع كالتوبة مثلا.

  

فقالوا: إن أصحاب الكبائر مهددون بالعقوبة إلا أن يتوبوا فإن تابوا فإن التوبة تَجُبُّ ما قبلها والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ[الفرقان: 70].

وكذلك ذكروا فيما يندفع به الوعيد أسبابا أخرى، ومن ذلك مغفرة الله وعفوه وتجاوزه وصفحه كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا[النساء: 48] فقد يشاء الله تعالى مغفرة الذنب.

وقالوا أيضًا: إنه قد يجتمع في الإنسان موجب الوعد وموجب الوعيد، فينال في الوعيد ما يكفر به خطاياه، ثم يؤول أمره إلى الوعد كأصحاب الكبائر الذين يستحقون النار فيدخلونها حتى إذا طهروا من ذنوبهم ومُحِّصُوا من سيء أعمالهم آل بهم الحال وانتهى بهم المآل إلى دخول الجنة بفضل الله ورحمته.

وأما أصحاب الوعيد فهم يقولون لا يدخل الجنة من دخل النار، بل من دخل فهو خالد مخلد فيها أبدًا، فعطلوا النصوص الدالة على شفاعة النبي –صلى الله عليه وسلم- وشفاعة المؤمنين والملائكة وما دل عليه النص من فضل الله ورحمته بإخراج قوم من النار لم يعملوا خيرًا قط عطلوا كل ذلك لأنهم غلبوا نصوص الوعيد على الوعد.

  

هذا ما سلم الله أهل السنة والجماعة الذين جمعوا نصوص فلم ينظروا بعين عوراء للنص، أما نص الوعد، وأما نص الوعيد بل نظروا بالبصيرة إلى ما أخبر الله تعالى به في كتابه وما أخبر به رسوله –صلى الله عليه وسلم- في سنته فجمعوا بين النصوص فسلموا من تلك الانحرافات، انحرافات المرجئة والوعيدية القدرية.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق